السؤال الذي أستهل به مقالي.. هل نبحث عن الحقيقة كما هي أم نبحث عما يعجبنا من الحقيقة؟ تمامًا كالحزام الذي اقتحم ناظريك كل صباح حين تعزم على ارتداء ملابسك وتفتح خزانتك ويكون الأول أمام ناظريك وعندما تبدأ بالتوسع والبحث عن اللائق والمناسب لتخلق ما يناسب من بين كل بدلك وقمصانك، تاركًا حينها كل جميل ولائق وأنسب مع اللباس وخلقت مكانًا لحزامك وشددت عليه وعزمت على ارتدائه لأنه عجبك فقط واستثنائه من جميع الأحزمة لأجله، فهو لم يكن الأكثر ملاءمة بل قمت باختيار مختلف عكست به أعراف اللباس الأكبر بالأصغر. يمكن أن نرى ذات الحال واقعا ملموسا بمؤسساتنا بأن نبقى على شخوص هرمت وتقاعدت ونعيد إنتاجيتهم بصور مختلفة بحجة الكفاءة والخبرة والصلاحية، وأن السبب الحقيقي هو أنهم الأكثر والأقرب ظهورًا في محيطك لذلك هم الأنسب لإدارة أي مؤسسة أو بيئة عمل متناسين الأعراف والنظم، يقينًا إننا نضرب الإنتاجية صوب الحائطً فبدأ البعض يعود لقواعده الضيقة وبدأ غيرهم يشعرون شأنهم ومركزهم كاستحقاق خاص وآخرون عكفوا عن المشاركة بالحراك. نسمع فلان تقاعد بعد مدة خدمة بناء على الأنظمة المتعارف عليها ويشكر عليها وكُرم مع سيل من العبارات والثناءات والتقديرات لنسمع بعدها رجوعه بعقد جديد بالمؤسسة ذاتها بصورة مماثلة أو مغايرة للاستفادة من خبراته.. وآخر تنصب بعدة مناصب ومهام في آن واحد والطرف الآخر غالق داخل حدود مربعة! أين مبدأ مساواة الاستحقاق للجميع. تبدو الإجابة بديهية لدى الكثيرين ولكنها ليست كذلك عند الباحثين عن عمل أو وظيفة.. لنكون دقيقين فنحن نمتلك الكثير من الكفاءات الوطنية المتخصصة ذات القيمة العالية جُل ذنبها أنها لم تكن من قوائم محيطك وتحت النظر وخلف الدوائر المغلقة تمامًا كالحزام الأقل ملاءمة والأوفر حظًا. الوطن ولود زاخم بالكفاءات والطاقات فلنفتح الحزام أمام هؤلاء ولا نضيق ونشدد في وجوههم فذلك يوسع الإنتاجية ويسلط الضوء على المواطنة ويخرجنا من دائرة الولاءات الصغيرة الضيقة إلى الولاء الأكبر والانتماء للوطن الواحد والخروج من عباءة عنق الزجاجة، فلابد من القفز في الدرجة الأولى على مبدأ تكافؤ الفرص وتوسيع الدائرة.