ودعت "المدينة" ظهر اليوم الزميل الصحفي عثمان عابدين، إلى مثواه الأخير، حيث ووري جثمانه الثرى في مقبرة الرحمة بحي الفيحاء في جدة، عقب صلاة الجمعة. وكان الزميل عابدين من الخبرات والكفاءات الصحفية المشهود لها في الوسط الإعلامي العربي، وقد لفظ أنفاسه عصر أمس (الخميس) وهو يمارس عمله المعتاد في صحيفته "المدينة"، التي قضى فيها أكثر من ثلاثة عقود، عرفه الجميع خلالها بالمهنية والكفاءة والخلق الرفيع. وُلِد الفقيد في وسط السودان بمنطقة الحصاحيصا، وعقب إنهائه الدراسة الجامعية عمل في صحيفة "الأيام" السودانية خلال سبعينيات القرن الماضي، واشتهر عموده فيها بعنوان "محطات صغيرة"، وكان قد حصل على دورات تدريبية في كُبرى المؤسسات الصحفية في كل من إسبانيا وألمانيا، ثم التحق ب"المدينة" خلال تسعينيات القرن الماضي. عُرف الزميل عثمان بعشقه للأدب رغم عمله بالسياسة، واستطاع خلال مسيرته أن يكتب العديد من القصص والمقالات النقدية، وكان آخر ما ينتوي نشره رواية بعنوان "الفباريك"، وجِدَتْ مسودتها بين أوراقه المتناثرة، كان قد أنهاها قبل أيام. وكان آخر ما سطره فيها بضع كلمات شجنية تعبر عن شواغله الخاصة، وما كان يجيش في صدره من وحشة لبلاده، بعدما قضى سنواته الأخيرة بعيدا عنها.. فآخر ما كتبه يقول: "بدأتُ أغوص في أشجاني ما بين الخاص والعام.. خاطري مبلبل.. بعيدا بعيدا أدقق النظر.. اشتقتُ للخرطوم.. التي حينما يخضرُّ العشبُ ينبتُ العُشّاق.. وإذا وجدوا حديقةً في ركنٍ منعزلٍ يحتمون فيها.. يتناثرون على شاطىء النيلِ جياعٌ.. وهل للجائعِ أن يحب؟". رحم الله الزميل الكبير عثمان عابدين، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه وزملاءه وأحباءه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.