الكلمة الافتتاحية التي استهل بها خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- أعمال القمة العشرين يوم السبت الماضي وما تفضل به في كلمته أيضاً خلال الفعالية المصاحبة لقمة قادة دول مجموعة العشرين حول التأهب والتصدي للأوبئة يعد خارطة طريق شاملة وهامة للعالم أجمع، فمجموعة العشرين هي المنتدى الأبرز للتعاون الدولي وللتصدي للأزمات العالمية وهي التي لعبت الدور نفسه قبل 12 عامًا عندما استجابت للأزمة المالية العالمية وحققت نتائج مميزة. جائحة كورونا سببت صدمة غير مسبوقة للعالم أجمع وحققت خسائر فادحة بالاقتصاد العالمي مما جعل المملكة العربية السعودية تبادر في شهر مارس الماضي بعقد القمة غير العادية لرؤساء مجموعة العشرين والتي نتج عنها حشد الجهود لمواجهة الجائحة بما يزيد عن 21 مليار دولار لدعم الجهود العالمية للتصدي للجائحة كما سعت الدول إلى دعم اقتصاد أفرادها وشركاتها بما يزيد عن 11 تريليون دولار كما تم التوسع في شبكات الحماية الاجتماعية لحماية الفئات المعرضة لفقد الوظائف وتم دعم الدول النامية عبر تعليق مدفوعات خدمات الدين للدول منخفضة الدخل. الكلمة الافتتاحية لقمة العشرين كانت خارطة طريق للعالم أجمع للخروج من هذا النفق انطلاقاً من طمأنة الشعوب وبعث الأمل فيهم من خلال اقرار السياسات لمواجهة الأزمة واغتنام فرص القرن الحادي والعشرين لتمكين الإنسان والحفاظ على كوكب الأرض وتشكيل آفاق جديدة وضرورة معالجة مواطن الضعف التي ظهرت في هذه الأزمة والعمل على حماية الأرواح وسبل العيش والاستمرار في دعم الاقتصاد العالمي وإعادة فتح الاقتصادات وحدود الدول لتسهيل حركة التجارة والأفراد وتقديم الدعم للدول النامية بشكل منسق للحفاظ على التقدم التنموي، وإتاحة الفرص للجميع وخصوصاً المرأة والشباب لتعزيز دورهم في المجتمع وسوق العمل وذلك من خلال التعليم والتدريب وإيجاد الوظائف ودعم رواد الأعمال وتعزيز الشمول المالي وسد الفجوات الرقمية بين الأفراد. العالم اليوم في أمس الحاجة إلى اقتصاد أكثر استدامة وأنظمة طاقة أكثر نظافة وأيسر تكلفة كما انه في حاجة لبذل جهد أكبر للحفاظ على البيئة وحمايتها مع التركيز على أن التجارة هي محرك أساسي لتعافي الاقتصاد في العالم ولذلك جاءت (مبادرة الرياض) بشأن مستقبل منظمة التجارة العالمية بهدف جعل النظام التجاري المتعدد الأطراف أكثر قدرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية. خارطة الطريق ركزت في الدرجة الأولى على العمل سوياً من أجل هدف واحد وهو إعادة الاطمئنان والأمل لشعوب العالم وضرورة التركيز على الفئات الأشد عرضة للخطر وتهيئة الظروف لتوفير لقاحات فايروس كورونا للجميع بشكل عادل وتكلفة ميسورة وأن نتأهب بشكل أفضل لأي أوبئة مستقبلية مؤكداً بأن التعاون الدولي والعمل المشترك هو السبيل الأمثل لتجاوزالأزمات العالمية (فلن يسلم البعض حتى يسلم الجميع).