ظلت الساحتان الأدبية والإذاعية تتنازعان على انتماء الزميل الأستاذ عبدالله عبدالرحمن الزيد -يرحمه الله- الذي توفي يوم الأحد الماضي، فقد التحق بالعمل الإذاعي فور تخرّجه في جامعة الإمام محمد بن سعود (لغة عربية وأدب) عام 1394ه/ 1974م.. والأدب والعمل الإذاعي موهبتان تفضيان إلى مهنية وإبداع بالدراسة والممارسة قد كان للزيد نصيب منهما، غير أننا لا نعرف أي الموهبتين أسبق، وأحسب أن الأدب وخاصة الشعر هو موهبة الزيد الأولى وهي التي قادته إلى العمل الإذاعي مثل كثير من الأدباء الذين أثروا العمل الإذاعي كموظفين رسميين أو متعاونين منذ البدايات الأولى لنشأة الإذاعة السعودية، وبصدق يحق للساحة الأدبية والأدباء أن ينسبوا الزميل عبدالله الزيد لهم فهم الأكثر حفظًا لقدره وإبداعه ومكانته، فرغم أن الزيد حصل على جائزة أفضل مذيع عام 1399ه من وزارة الإعلام إلا أن ذلك لم يكن شافعًا له كي يتصدّر المشهد الإذاعي حتى تقاعده، وأرجو ألا أكون مخطئا ان قلت: لو أن إذاعة الرياض أرادت الآن أن تذيع مادة إذاعية بصوت الزيد فإنها لن تجد تلك المادة بينما حفظت المكتب الأدبية اسم وشعر الزيد من خلال سبعة عشر ديوانًا شعريًا والكثير من المقالات النقدية. من أوائل الزملاء الإذاعيين الذين تعرّفت عليهم ممن ألتحقوا بالعمل الإذاعي منتصف التسعينات الهجرية هو الزميل عبدالله الزيد حيث قدم إلى إذاعة جدة منتدبًا، تعرّفنا عليه وأحببناه شخصًا نقيًا ودودًا وعلى خلق، وفي كثير من لقاءاتنا الحميمية نتطاول عليه (مزاحًا) فننتقد إنتاجه الشعري أو مقالاته النقدية، ولم يخرج عن أدبه في الحوار مهما كثر استفزازنا له وخاصة فيما يتعلق بالحداثة ونتاجها الأدبي.. هذه الروح والعلاقة بيننا هي اليوم جعلتني متنازع الشعور.. هل أتذكر علاقتنا أخي عبدالله فابتسم أم أستحضر محبتك لنا فأبكيك؟، ولأن موتك جاء فجأة -بعد أن نجوت بفضل الله قبل أشهر عندما أصبت ب «كورونا» فإن قصيدتك التي كتبتها مساندة لي عندما نقلت لإدارة الأخبار (تأديبيًا) في الإذاعة ليست حاضرة في ذهني أو كنص بين يدي لكن أثرها النفسي ما زال عالقًا بمشاعري متباهيًا في ذاتي أن الأديب الشاعر الناقد الزميل عبدالله الزيد قال قصيدة يمدحني ويساند موقفي.. رحم الله الأخ والزميل عبدالله الزيد وأسكنه فسيح جناته و»إنا لله وإنا إليه راجعون».