ظروف قاهرة أرغمت بائع الفريسكا على رمال الشاطئ الذهبية ذا التسعة عشر ربيعًا والحاصل على أعلى مجموع 99:6% في الثانوية العامة عندما سئل في إحدى المقابلات المرئية؛ كيف حصلت على أعلى مجموع على مستوى الجمهورية وأنت تبيع الفريسكا مساءً، قال المسألة تنظيم وقت ليس إلا، واسترسل حديثه جلست سنة وشهرين استعد للعام الدراسي والاختبارات النهائية لأتمكن من الحصول على مجموع عال وتعلمت ثلاث لغات لأحقق حلم والدي في دخول كلية الطب.. مؤشر واضح لأهمية منهجية إدارة الوقت والبعض في وضعه الطبيعي لا يكفيه يومه ويتمنى المزيد. ونحن على عتبات الألفية الثالثة ولم يمض الوقت إلا وأصبح التعليم عن بعد هاجسًا يؤرق كل بيت وبدأ التشكي من أولياء الأمور والطلبة عن صعوبة طرائق التعليم ومنصاته وكيفية تنظيم وقت أبنائهم وكيف الاستيعاب والفهم وتوصيل المعلومة وعدد ساعات الدرس المقدرة والأدوات والآليات وكيف.. وكيف.. جعلت منه أمرًا مقلقًا للطالب قبل أهله.. وللأسف انتشرت الفبركات والعناوين المحبطة والمنددة بفشل منظومة التعليم واستخدام النكات والسخرية. ليس من السهل على صُناع القرار إغلاق المدارس جزئيًا وخلوها من أحد أركان العملية التعليمية «المعلم» وليس من السهل أيضًا على الوزارات بكل ما أوتيت من وقت ومضاعفة جهد وكوادر بشرية وإعداد ميزانيات وبرامج مكلفة لاستمرار التعليم بالصورة المثلى وتحقيق المواءمة مع الوضع الوبائي وجودة التعليم ومخرجاته.. فالبناء غاية وهم لا يمتلكون ترف الوقت صوب برمجة كافة الأوقات لكل أطراف العملية التعليمية.. يقول المفكر الروسي سودنوف: ما يحدثه (المنفلتون) يتحمل أعباء تصحيحه (المنضبطون) عندما نريد نستطيع بل وقادرون، نحن أمام تحد حقيقي ونظرة واقعية على الأرض بلا شك تتمحور حول ثقافة منهجية الوقت والحاجة الملحة لإدارة الوقت لزيادة الإنتاجية والعطاء ما بين الأحداث المهمة والمستعجلة. نظريًا نحن نعيش فشل إدارة الوقت بالرغم من أدوات التكنولوجيا التي تقرب المسافات واستغلال المعرفة والفائدة لكن لكثرة الانشغال واستهلاك وسائل التواصل بغير المفيد وغير المجدي من شريحة كبيرة! تُحتِّم علينا الآن عمل تغيرات جذرية في منظومتنا الاجتماعية، الوقت كالسيف البارق إن لم تقطعه قطعك بالندم والحسرة.. ومطلوب التأكيد اليوم قبل الغد إلى إعداد منهجية إدارة الوقت ونفض غبار الكسل والخمول للنهوض والتطلع للأمام والنظر للحظة عودة أبنائنا قناديل المستقبل إلى مقاعد الدراسة منضبطين حالمين بغدٍ مشرق.