* في المسرحية المصرية الشهيرة (العِيال كِبْرِت)، يكتشِف الأخ الأكبر، الذي يقوم بدوره «الممثل سعيد صالح» بأن «شقيقته» تطمح للعمل في أحد الملاهي الليلية، عندها يصرخ في وجهها غاضباً ومعترضاً بشدة باعتبار أنها ستكون «راقصة»، ستجلب الفضيحة لأُسْرَتها، والعَار الذي سيقتُل والدَهَا! * تلك المسرحية عُرِضَت في العام 1979م، وذلك المشهد يؤكد بعدم تقبل المجتمع المصري الطيب حتى في المشاهد التمثيلية ل(الرّقص، ومَن يُمَارِسْنَه)، ولكن خلال سنوات، قامت بعض المسلسلات والأفلام، وقبل ذلك وسائل الإعلام بتَبْييض صورة تلك المهنة -إنْ صَحّت تسميتها بذلك- وتلميع الرّاقِصَات، والتكريس لحضورهنّ ك(ممثلات، ثم مذيعات)، بل وصل الأمر لتقديمهِنّ ك(نماذج يُقتدى بها)، والذاكرة المصرية القريبة مازالت تحتفظ بموجات من الألَم الممتزجة بالغضب والعجب، من قيام أحد الأندية في القاهرة عام 2014م باختيار «تلك الراقصة» لتكون هي (الأمّ المثالية على مستوى مِصر)!! * تلك الصفحات التاريخية وما حملته من تحولات غريبة في مجتمع «أهلنا في أرض الكنانة» أرى شيئاً منها يرتسم في مجتمعنا السعودي، مع الفارق في الشخوص والتقدير للجميع؛ فمع ظهور مواقع وتطبيقات التواصل الحديثة، ظهر نوعيات تبحث عن الشهرة وكثرة المتابعين، حتى لو كان طريق ذلك «الخبَال والتفاهة» بكل ما تحمله الكلمتان من معنى، وحتى لو كان ثمَن ذلك القفز على القيم والعادات؛ فذاك رجل يتمايل كلِّ شيءٍ في جسمه على أنغام (شِيلَة أنا بِنت الشّيخ، وأنا الأَوّلَه)، وتلك امرأة مسترجلة، لا ينقصها إلا الشَّنَب!! * وللأسف الشديد أن أولئك الذين لا هَمّ لهم إلا امتطاء هواتفهم المحمولة وصناعة التفاهة، ونشرها في المجتمع هم مَن يتقدمون الصفوف، ويتم تسليط الضوء عليهم، واستقطابهم في مختلف الفعاليات، وما أخشاه أن يتحول أولئك شيئاً فشيئاً إلى رموز مجتمعية يَبحث الشباب عن خُطَاهُم لِيَقْتَفُوهَا، كما حدث مع تلكم الرّاقِصَات في»مصر»! * وهنا أؤكد احترامي جداً وأبداً لعدد محدود من مشاهير مواقع التواصل عندنا يقدمون في حساباتهم محتويات جيدة أو على الأقل لائقة، ولكن ما أرجوه أن تتدخل «وزارة الإعلام» لإيقاف أولئك التافهين، والحّدّ من تمددهم، وسطوهم على الساحة الإعلامية ظلماً وبهتاناً!! * أخيراً هناك مَن يرون بأنّ الغِيْرة من أولئك المشاهير، هي التي تدفع الإعلاميين لمهاجمتهم، متسائلاً ومُتَهَكِّماً لماذا أيها الإعلاميون لم تصبحوا مثلهم؟! ولأولئك الإعلام مهنة نبيلة لها ضوابطها الأخلاقية التي تحترم القيم والأنظمة، وحدودها المهنية البعيدة تماماً عن السذاجة والخبال.