عكست تصريحات وزير المالية محمد الجدعان مؤخرا 3 ثوابت للسياسة المالية والاقتصادية العام الحالي على الرغم من تداعيات فيروس كورونا، وتراجع أسعار النفط، ويأتي في صدارة هذه الثوابت الالتزام بمعدلات عالية للإنفاق لمنع الدخول في مرحلة ركود، واستمرار مسيرة الخصخصة من أجل دعم الإيرادات غير النفطية وتخفيف الأعباء المالية عن الحكومة، فضلا عن العمل على تنويع الإيرادات ومصادر سد العجز في الميزانية من أجل خفض التكاليف المالية.. فعلى الرغم من تداعيات فيروس كورونا، إلا أن معدلات الإنفاق في الميزانية ستظل فوق الترليون ريال، كما أشار إلى ذلك وزير المالية محمد الجدعان، وذلك من أجل المحافظة على النشاط الاقتصادي ومعدلات سيولة جيدة في السوق، ومن المتوقع تبعا لذلك أن يرتفع العجز إلى 220 مليار ريال خلال العام الحالي . ولم يكن مستغربا أن تلجأ المالية امام تراجع الإيرادات النفطية إلى إعادة ترتيب أولويات الإنفاق فقط من خلال استقطاع بعض الأموال من بعض البنود الأقل أهمية في الميزانية، وهي الإجراءات التي وصفها الخبراء بأنها الأقل تأثيرا لابتعادها عن الاحتياجات الأساسية للمواطنين.. وقد شهد العام الحالي كما هو متوقع تراجعا في الإيرادات النفطية المقدرة أساسا في الميزانية ب 513 مليار ريال فقط، فيما لن تكون الإيرادات غير النفطية على نفس الطموح بكل تأكيد في ظل حالات الإغلاق الواسعة للنشاط، ويبقى الطموح أن تظل قريبة من المستهدف عند 320 مليار ريال.. وأدت كورونا إلى تغيير درامي في برامج الحكومة التي وجهت أكثر من 214 مليار ريال لدعم القطاع الخاص و47 مليار ريال للنهوض بركائز القطاع الصحي أمام الجائحة، وكان الأداء السعودي فيها استباقيا ومحط تقدير العالم.. أما بالنسبة للركيزة الثانية فهي الاستمرار بقوة في برنامج الخصخصة من أجل رفد الميزانية ب 50 مليار ريال خلال 4 إلى 5 سنوات، وتخفيف الأعباء المالية عن الحكومة.. وقد شهد العام الحالي أول البشائر بتخصيص شركتي مطاحن ب 2.7 مليار ريال وطرح الشركتين الأخريين قريبا، ومن المتوقع أن نشهد نقلة أخرى في الصحة والتعليم والرياضة في مجال الخصخصة . وتمضي وزارة المالية بقوة نحو تحقيق الهدف الثالث بقوة وهو تنويع الإيرادات وزيادتها لتغطية الإنفاق والدعم والرواتب، وهو الأمر الذي يعد ركيزة أساسية حيث تستهدف رؤية 2030 الوصول إلى ترليون ريال وفي هذا السياق جاء رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15% وسط توقعات بأن تحقق فائدة أكبر للاقتصاد من جهة أخرى وهي الحد من الاستهلاك والتشجيع على الادخار والاستثمار مهما صغر الراتب.