اعتبر اقتصاديون أن إصدار السندات خلال الفترة الماضية يهدف إلى تغطية العجز المتوقع في ميزانية العام الجاري، الذي قد يراوح بين 370 - 400 مليار ريال. وأشاروا إلى أن تحسن أسعار النفط، وتوجه الدولة الهادف إلى تفعيل الخصخصة وضبط وهيكلة الإنفاق سيقلص الفجوة، وأن العجز المتوقع ضمن حدود السيطرة في ظل العمل على البرامج كافة لدعم الإيرادات غير النفطية. وقال المحلل المالي حسين الرقيب: سحبت الدولة من أصولها الاحتياطية 174 مليار ريال بنهاية النصف الأول من العام الجاري، وأصدرت سندات حكومية بنحو 70 مليار ريال، وإن كنا لم نستطع الحصول على بيانات تفصيلية عن استخدامات هذه المبالغ إلا أنه من المؤكد أن هذه المبالغ غطت العجز في موازنة 2016، وبما أن مجموع المبالغ المسحوبة من الأصول الاحتياطية وسندات الدين تجاوزت 240 مليار ريال خلال ستة أشهر فإن هذا يعني أن العجز قد يتجاوز الأرقام المقدرة ب 327 مليار ريال، وفي تقديري فإن العجز سيتراوح بين 375 -400 مليار ريال، وقد ينخفض عن هذه الأرقام لو تحسنت أسعار النفط خلال الفترة المتبقية من هذا العام، في ضوء تصريحات وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح قبل أيام، الذي أشار فيها إلى أن صادرات السعودية من النفط تجاوزت 10 ملايين برميل يوميا خلال شهر يوليو الماضي. وأضاف: «النفط السعودي يشهد زيادة في الطلب، وهذه مؤشرات إيجابية تدعو للتفاؤل، إضافة إلى أن الإيرادات غير النفطية ربما ترتفع إلى 200 مليار ريال بعد أن سجلت نموا جيدا خلال 2015، وبلغت نحو 160 مليار ريال بناء على توجه الدولة في رؤية 2030، التي تعتمد في إيراداتها المستقبلية على الإيرادات غير النفطية، وتقليل الاعتماد على أسعار النفط كمصدر رئيسي للدخل». من جهته، بيّن الاقتصادي عبدالإله مؤمنة أنه توجد عدة خيارات أمام مؤسسة النقد العربي السعودي ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، من بينها إصدار سندات مقومة بالدولار لدعم الميزانية، كما يمكن التوجه نحو تفعيل الخصخصة لبعض الأصول الحكومية، وهى الخيارات التي اتجهت لها الدولة من أجل تخفيف العبء على الميزانية. ولفت إلى أنه يجرى العمل أيضا على ضبط الإنفاق الحكومي، لا سيما بشأن مشاريع البنية التحتية التي خصصت أموال كبيرة لها طوال السنوات العشر السابقة سواء من داخل الميزانية عبر الانفاق الرأسمالي أو الإنفاق من الفائض المالي الذي تكون على خلفية الارتفاعات في أسعار النفط. من جانبه، أشار المحلل المالي عبدالله كاتب إلى أن عجز الميزانية المقدر بنحو 375 مليار ريال لعام 2016 أي ما يمثل أكثر من 30 % من الميزانية العامة للدولة متوقع وطبيعي، ولن تكون له آثار سلبية، إذ ضبطت في الأعوام السابقة معدلات التضخم وتخفيض نسب البطالة، إضافة إلى تراجع كبير في نسبة الدين العام، وتكوين احتياطيات نقدية استثمرت من خلال سندات دين وأدوات استثمارية أخرى؛ الأمر الذي سيمكن السعودية خلال الأعوام القادمة من وضع خطط الانفاق وضبطه بهدوء ودون ارتباك.