هل الانتقاد طبيعي؟ وهل هو فطرة إنسانية أم مكتسب وطارئ؟ وماهو الفرق بين النقد والانتقاد؟ وكيف نصل للإصلاح والسمو في علاقاتنا وتعاملاتنا دون أن تتأثر..؟ يحكى أن رسامًا كان يباهي ويتحدى برسوماته وفي يوم من الأيام رسم لوحة وكتب عليها (إذا رأيت خطئا في هذه الرسمة فضع عليه علامة) ووضعها في مكان عام أمام مرأى كل العابرين وأصبح كل من مر بها يأخذ الريشة ويضع علامة، وحين حل المساء وجد اللوحة مليئة بالعلامات فغضب وذهب لمعلمه الأول في الرسم وأخبره بما حصل فقال: لا بأس لدي الحل، فقط ارسم مثلها من جديد وضع تعليقًا (إذا رأيت خطئًا في الرسمة فقم بتعديله) فأعادها في نفس المكان فرجع إليها بعد أيام ولم تتغير!. مثل هذه الحكاية -وبغض النظر عن مصداقيتها- تظهر لنا حرص البعض وإدمانهم على الانتقاد بعيدًا عن النقد الإيجابي والتقويم الصحيح، وهنا لابد أن نفرق بينهما فالنقد عادة صاحبه منصف وغير منحاز ولا يقيم أي فكرة أو عمل إلا إن كان ذو خبرة أو متخصصًا ولديه علم يؤهله للنقد وتصويب الأخطاء وتبيان الحقائق وتفنيد الحجج بطريقة منهجية مع توضيح الإيجابيات والسلبيات دون التعرض لصاحب الفكرة أو العمل (الشخصنة)، وأما الانتقاد فهو عكس ذلك حيث ينحاز المنتقد لتصيد الأخطاء والتركيز على الجوانب السلبية للعمل وغالبًا يتوجه للهجوم على صاحب العمل بذم أو إنتقاص وسلوك نهج خالي من الأدب والاحترام وبعيدًا عن الموضوعية والمنهجية. الحقيقة أن تدني مفهوم تقدير الذات والتنشئة الاجتماعية التي تقلل من نجاحات الآخرين مع عدم وجود أهداف في الحياة والتفكير في المبادئ والقيم العليا -تجعل الشخص لا هم له إلا مراقبة الآخرين وتتبع حركاتهم وسكناتهم- هي من أهم الأسباب التي تؤدي للانتقاد وكذلك إبراز الذات بشكل خاطيء بسبب إضطرابات نفسية تجعل الشخص يسقط على الآخرين ويقزمهم وستكون عادة ملازمة له عندما يعتقد بأن ذلك يعطيه قيمة حينما يتدخل في تصحيح مسار الآخرين، ولكن عندما يتخلص الشخص من تلك الأسباب ويضع نفسه مكان الآخرين وعندما تكون طريقة عرضه بأسلوب جميل وبكلمات منتقاة بعناية حينها سيؤتي النقد ثماره بالطريقة الصحيحة وسنكون مصلحين لا منتقدين فقط لمجرد النقد والتنظير.