فجعنا مؤخرًا برحيل رمزين بارزين في مجالين مختلفين، حيث كان رحيل الأديب والمؤرخ والكاتب والأستاذ الأكاديمي الدكتور عاصم حمدان.. ورجل الأعمال البارز الشيخ صالح كمال، رحمهما الله رحمة الأبرار.. إن معرفتي بالشيخ صالح كمال لا تتعدى المعرفة المبذولة للجميع، من حيث إسهاماته الاقتصادية من خلال دلة البركة، ومشروعاته الخيرية التي أفادت الكثيرين، وجهوده في تطوير وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، وإسهامه الكبير بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في توفير وتنفيذ «نظام ساهر» التقني حفاظًا على أرواح مستخدمي الطريق، وما إلى ذلك مما عرف عنه وبه، وشهد له الجميع بالسبق فيه والعطاء الذي يبعث على الافتخار، ويستحق من أجله الإشادة والتقدير، وفاءً له، فنسأل الله أن يغفر له ويرحمه بقدر ما قدم لوطنه.. ولإن كانت معرفتي بالشيخ صالح كامل على النحو الذي أشرت إليه، فلقد كانت معرفتي بالدكتور عاصم حمدان على خلاف ذلك، فقد توطدت بيني وبينه العلاقات الأدبية والثقافية والفكرية، وكان مبتدأ معرفتي به عندما كنت أتابع في سنين عمري الأولى، زاويته في جريدة المدينة، وكتاباته المتفرقة في عدد من المجلات الدورية والصحف المحلية والمعرفية، وذلك اهتمام ورثته عن والدي، عليه رحمة الله، حيث غرس فيَّ حب القراءة والاطلاع، والاهتمام بالأدب، فكانت مطالعتي لما يكتبه الدكتور عاصم حمدان من هذا الباب، ولما وجدته في كتاباته من عناصر التشويق والمتعة والفائدة الأدبية والفكرية والثقافية.. وكان أول لقاء لي به في منتدى الاثنينية بجدة، الذي درج على إقامته الأديب عبدالمقصود خوجه في دارته العامرة، وسعدت من بعد أيما سعادة عندما منحني ملحق الأربعاء الأسبوعي بجريدة «المدينة» مساحة مقدرة لمقال أسبوعي، وكنت أجد في داخلي حرجًا كبيرًا وأنا أتابع مقالاتي بالملحق وهي تجاور مقالات أستاذنا الدكتور عاصم، فالبون شاسع، والمقامات لابد محفوظة.. لكن ما لبث هذا الإحساس أن تحوّل إلى مبعث سعادة وزهو، وذلك في إحدى أمسيات الاثنينية عندما تجرّأت وعرّفت نفسي لدى الدكتور عاصم حمدان، ففاجأني بالقول: إنه يتابع باهتمام بالغ كل ما أكتبه، مشيدًا بالأفكار التي أطرحها، والموضوعات التي أعالجها. نسأل الله العلي القدير أن يسكنهما فسيح جناته، وأن يلهم آلهما وذويهما الصبر وحسن العزاء.