قد يتعرض تنفيذ العقد إلى صعوبات تحول دون تنفيذه بصورة نهائية وهو ما يعرف بالقوة القاهرة أو أن تكون بصورة جزئية أو مؤقته وهو ما يسمى بالحادث الفجائي، وقد خلت التشريعات الداخلية للدولة من تعريف قانوني دقيق للقوة القاهرة، ومن ثم فمن المفيد أن نميز بينها وبين الحادث الفجائي، فالأخير هو ذلك الحادث الذي لا يجعل تنفيذ العقد مستحيلًا كما هو الحال في القوة القاهرة، ولكنه ممكن التنفيذ، إلا أن تنفيذه يُحمّل المدين خسارة فادحه لأننا نكون بصدد اخلال بالتوازن الاقتصادي للعقد، ولذلك نقول إذا منعت هذه الجائحة من تنفيذ العقد كلية فنكون هنا بصدد القوة القاهرة، أما إذا منعت تنفيذه جزئيًا أو وقتيًا فهي هنا حادث مفاجئ، وللتفرقة أهميتها حيث أنه في الحالة الأولى تؤدي إلى انقضاء العقد، وفي الحالة الثانية يبقى العقد قائمًا ويتدخل القضاء لتعديل الالتزامات بحيث يعيد التوزان لطرفيه. وتستند فكرة القوة القاهرة في التشريع الداخلي للدول على نظرتين، الأولى: هي نظرية الاستحالة المطلقة لتنفيذ العقد ولم يهتم التشريع الداخلي لكل دولة بتشخيص مصدر الاستحالة وظروفها، والثانية: هي من صياغة القضاء الذي صاغ في أحكامه مضمون الحادث الفجائي المكون لقوة قاهرة تمنع تنفيذ العقد جزئيًا. ومن ثم فإن قرار السلطة العامة بتعليق العمل أو المنع من التنقل لا يمنع من تنفيذ العقد في حد ذاته، وإنما يترتب على هذا القرار نتائج قد تحول دون تنفيذ العقد، ولذلك لا يكتفى فقط أمام القضاء بالتمسك بوجود هذا القرار وإنما يجب على صاحب المصلحة أن يثبت حدوث النتائج المترتبة على تنفيذ هذا القرار، وهذا التكييف له أثر في غاية الأهمية وهو أنه يجب النظر في كل عقد على حدة لبيان الآثار المرهقة لأي من طرفيه حسب نوعية العقد والتي تختلف بدورها من عقد إلى آخر حسب محل الالتزام، فالعقود الزمنية كعقد الإيجار وعقد العمل تختلف الآثار الناتجة عنها عن العقود الفورية كعقد البيع، كما أن هناك أثرا مهما آخر ألا وهو أن القرار الذي تصدره الدولة لا تستطيع أن تنتفع به في العقود الإدارية، التي تكون طرفًا فيها، لأنه لا يمكن أن تفرض الدولة على نفسها ما يمنعها من تنفيذ التزاماتها بأي حال من الأحوال، فالمانع من التنفيذ ينسب إليها بقرارها.