القرار الإداري هو ما تصدره الجهة الإدارية ذات الاختصاص مفصحة به عن إرادة ملزمة تتوجه إلى تنظيم شأن داخل في اختصاصها أو تقرير واقع قانوني لاحقا على إصدارها القرار. وقد تعترض هذا القرار موانع تجعله منعدما، أو بالأدق منعدم الأثر، حيث يكون القرار وقد صدر بالفعل صار له وجود ولكن الذي انعدم هو أثره فكأن القرار صار وجوده وعدمه سواء، فكأنه لم يكن، وبالتالي يزول ما له من قوة إلزامية نتيجة لهذا الانعدام. ولذلك فلا يكفي أن تصدر الجهة الإدارية ذات الاختصاص قرارها الإداري مستوفيا لشرائطه الشكلية ومعبرا عن إرادتها الملزمة للمخاطبين بالقرار ومفصحا عن قصد إحداث أثر قانوني محدد بنطاق القرار .. ولكن كيلا يصير هذا القرار إلى حالة الانعدام المترتبة على انعدام أثره القانوني، فيجب أن تتوقى الجهة الإدارية الأسباب والحالات التي لأجلها يكون أثر القرار منعدما وبالتالي يصير القرار نفسه منعدما. وتدور أسباب حالات انعدام الأثر القانوني للقرار الإداري حول معنى الاستحالة على تعدد وجوه هذه الاستحالة، وذلك على النحو التالي: أولا: الاستحالة القانونية: وتتمثل في حالة ما لو كانت هناك سلطة قانونية أعلى من السلطة مصدرة القرار الإداري تمنع إصدار هذا القرار، كالدستور والاتفاقيات الدولية بالنسبة للقانون الوطني، وكالقانون بالنسبة للائحة، وكاللائحة بالنسبة للأمر الإداري. وفي هذه الحالة فإن القرار الإداري يكون منعدما من أساسه وكأنه لم يكن. ثانيا: الاستحالة المادية: وتتمثل في حالة ما لو لم يصادف القرار الإداري محلا، كصدور قرار إداري من جهة ولاية أو محافظة ينظم وضعا ما في جهة من جهات هذه الولاية أو المحافظة وقبل تنفيذ هذا القرار يكون قد صدر قانون يعيد التقسيم الإداري للولايات والمحافظات داخل الدولة، فتخرج بهذا القانون تلك الجهة التي كانت معنية ومخاطبة بالقرار الإداري من حدود الولاية أو المحافظة مصدرة القرار. فهنا لا يلاقي القرار الإداري محلا يعمل أثره حيث خرج هذا المحل من نطاق الاختصاص الولائي للجهة مصدرة القرار وانفصلت عرى التبعية الإدارية بينهما، وهنا لا يكون القرار منعدما لانعدام وجوده، بل لتخلف أثره بسبب الاستحالة المادية لتنفيذ هذا القرار. ثالثا: الاستحالة السابقة على صدور القرار: وفي الغالب يكون مرجع هذه الاستحالة إلى خطأ الجهة مصدره القرار، سواء أكان الخطأ في الواقع أم في القانون، وذلك مثل أن تصدر الجهة الإدارية قرارا مخالفا لقانون سار، فهنا لا توجد فقط الحالة التي أسلفنا الحديث عنها، وهي الاستحالة القانونية، ولكن في الوقت ذاته توجد حالة يتمثل فيها مفهوم الاستحالة السابقة على صدور القرار الإداري. وفي هذه الحالة يعتبر القرار الإداري منعدما لانعدام وجوده وليس فقط لاستحالة تنفيذه. رابعا: الاستحالة اللاحقة على صدور القرار: ويتمثل ذلك في حالات القوة القاهرة والحادث الفجائي، ككوارث الطبيعة من زلازل أو براكين أو أعاصير قد تقع في الجهة المخاطبة بالقرار الإداري، أو كموت الشخص المخاطب بالقرار قبل تنفيذه. وفي هذه الحالة لا يكون القرار منعدم الوجود، بل منعدم الأثر لاستحالة تنفيذه استحالة لاحقة على صدوره. ولقد عرفت في الفقه الإسلامي سوابق تاريخية لانعدام أثر القرار الإداري لاستحالة تنفيذه، مثل واقعة إقرار الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الأشتر النخمي واليا على مصر فتوفي الأشتر قبل وصوله إلى مقر ولاية في مصر، فهذه حالة من حالات الاستحالة المادية وأيضا الاستحالة اللاحقة، هو إمكان تنفيذه فيختلف أثر هذا القرار. * القاضي بالمحكمة الإدارية في جدة