جائحة كورونا كشفت عن مدارس إدارية مختلفة في بعض المنشآت والدوائر المحلية في القطاعين العام والخاص فمنها من حرص من أول يوم سمع فيه عن انتشارالفيروس في مدينة ووهان بالصين إلى وضع سيناريوهات مختلفة لإدارته بما فيها الاستعداد للعمل عن بعد وبدأ تجهيز الفريق الإداري لديه لوضع كافة المقومات المطلوبة لأخذ الاحتياطات كافة واستخدام هذه الوسيلة، ومنها من استبعد تماماً وصول الجائحة إلى المملكة وطلب مواصلة العمل بشكل طبيعي واعتيادي دون وضع أي احتمالات مختلفة إلى أن فوجئ بقرارات التدابير الاحترازية لوقف العمل من مقرات الجهات المختلفة والاعتماد على العمل عن بعد ومنهم من بقي يراقب الوضع ويتحرك فقط وفقاً لردود أفعال أي قرار يتم صدوره والمطالبة بتطبيقه. مواقف بعض المديرين أيضاً اختلفت مع هذه الجائحة فمنهم من سعى لأن تكون صحة زملائه في العمل هي الأساس وما بعدها من أمور إدارية ترتبط بالعمل يمكن تداركها لاحقاً فحرص على وضع قنوات التواصل مع فريق عمله لا من أجل الاطمئنان على سير العمل فقط بل ومن أجل الاطمئنان عليهم وعلى عوائلهم كما حرص على توفير كافة الوسائل الممكنة لضمان توفر كافة الاحتياجات المادية والطبية والتموينية لهم في مثل هذه الظروف وحرص على وضع غرفة عمليات في العمل ليس لإدارة العمل بل لإدارة شؤون زملائه في العمل ومتابعة أوضاعهم ومعرفة احتياجاتهم والاطمئنان عليهم والتأكد من اتباعهم لكافة التدابير الاحترازية المطلوبة، في حين حرص مديرون آخرون على التركيز على شؤون العمل ووضعه كأولوية والتأكد من متابعته وملاحقة زملائه في منازلهم للتأكد من أنهم يقومون بالأدوار المطلوبة منهم بل إن بعضهم يحرص يومياً على التأكد من تسجيل الحضور والغياب اليومي لمن يعمل عن بعد دون تكليف نفسه خلال تلك المتابعة بالسؤال عن صحتهم وصحة عوائلهم، في حين عمد مديرون آخرون إلى الصمت المطبق وقطع أي تواصل وكأن الفيروس يمكن أن ينقل عبر وسائل الاتصال المختلفة. في أوقات المحن والكوارث تظهر القدرات والمهارات الإدارية المختلفة للاستفادة من مثل هذه الظروف الصعبة والقاسية لكسب ولاء الزملاء في العمل وتوثيق انتمائهم للمنشآت التي يعملون فيها وإشعارهم بأنهم يمثلون رأس المال الحقيقي وذلك من خلال إظهار حرص تلك المنشآت عليهم وعلى عوائلهم وتقديم مصلحتهم على مصلحة العمل والاطمئنان عليهم، فهذه الظروف ستنتهي -بإذن الله- وسيبقى في الذاكرة ردود الأفعال التي تمت خلال هذه الأوقات، فليحرص المديرون أن يبقوا في ذاكرة زملائهم أثراً طيباً بعد هذه الجائحة وليعمدوا إلى الاطمئنان عليهم والسؤال عنهم باستمرار، ففي أوقات المحن والأزمات تظهر مهارات وقدرات بعض الإدارات.