لا يخفى على أحدكم المعارك القائمة في بعض المنشآت والصراع للبقاء وللأقوى وذلك بين القياديين داخل المنشأة وشن الهجوم بين هذا وذاك ودس السم بالعسل حتى أصبحت بيئة العمل داخل بعض المنشآت غير صحية ومن هو الضحية يا ترى؟ في الأصل إن من مهام الموظفين أو حتى القياديين القيام بأعمالهم الموكلة لهم وتنفيذ مهامهم بأمانة وذلك من أجل تقديم الخدمة المطلوبة ومن أجل ذلك يجب أن تكون بيئة العمل نظيفة وصحية ويجب توفير بعض الاشتراطات لإنجاز الأعمال ومنها ساحة العمل من أجل القيام بهذه الأعمال بصورة صحيحة، ولكن للأسف نجد أن بعض المنشآت قد أصبحت ساحة العمل هي ساحة للمعارك والاصطدامات الإدارية، حتى تصبح المنشأة في مأزق، وبعدها يكثر القيل والقال وتكثر عملية ترك الموظفين للعمل. ماذا يجري داخل كواليس المنشأة؟! هي حرب خفية حول المناصب، هذا يريد تمكينه من منصب وهذا يريد أن يصبح مديراً وهذا يريد علاوة وترقية، وهذا لا يعمل ومحسوب على المنشأة موظفاً وهذا يريد وهذا يريد والله يفعل ما يريد. في الحقيقة ثقافة المنصب مقلقة كثيرًا، وهي أحد عوائق التنمية، فيحسب الفرد أن قيمته عادية حتى تأتيه القيمة المضافة (المنصب) ليكون فرداً ذا قيمة ويتباهى بذاته، وتنهال له عبارات الثناء والمديح والتبجيل، ويكثر المنافقون حوله، ويمشون خلفه وهناك من يمشي أمامه ويفتح له باب السيارة أو المكتب (درب درب) ويظل هاجس استمرار هذا المناخ شاغله الأكبر، حتى عن مهامه التي كلف بالمنصب من أجلها، وهنا تبدأ السلوكيات المدفوعة (برهاب السقوط) فتكتب سيناريوهات معقدة داخل منشأته، فينشغل بملاحقة كل شخص يشعر أنه مصدر (تهديد) ولو في خيالاته، ويتحرك إلى بسط نفوذه وسلطته ومركزه على أفراد المنشأة، لذلك تجد بعض المدراء شبه مهمشين في الإدارات التي يديرها المسكونون برهاب السقوط، فرهاب السقوط هو خوف مغادرة المنصب، وفقدان القيمة المضافة، فهذا عامل خطير في نفسيات شاغلي المناصب؛ لأنه يصنع التوجس والأعداء الوهميين.