حينما يتساقط المطر هتانًا تتنفس الأرض وتخضر، ويفوح عبير الزهر كالمسك بل أجمل، وتتراقص أغصان الأشجار من أثر نسمات هادئة تداعب أرواحنا لتخبرنا أن الخير قادم ليروي ظمأ قلوبنا، كذلك هو وجود الأنثى، وكذلك هي أحلامها، حتما هي كذلك! بل أكثر من ذلك، فكما أن الغيوم هي مصدر ذلك الهتان الذي يبعث الروح والحياة في الكون، فإن المرأة هي قاعدة الانطلاق نحو أسمى المقاصد والمرامي، فلا مجد ولا علياء بلا ابنة حواء، فهي طفلة كالهتان في هدوئها ورقتها، وامرأة كالغيمة في خيرها ونفعها، هي نصف المجتمع، ولكنها مسؤولة عن تربية وتنشئة النصف الآخر. صلب حديثي هذا هو عن روح الطفلة وحلمها والذي هو نواة تشكيل المرأة وتكوينها! فيقال إن كل طفلة بحلم هي سيدة برؤية، ولتكن واثقا من أنك إذا بحثت في سيرة كل امرأة وقفت على ناصية المجد تجد في طفولتها أبًا كان لها السيف والرمح؛ لحماية حلمها وطموحها حتى يبصر النور، يزودها بالوقود لتحلق عاليًا إلى عنان السماء. طفلتك عزيزي الأب ترى فيك فارسها وبطلها وقدوتها وفتى أحلامها، فلتكن كذلك جهز العدة والعتاد، آمن بفكرها وإبداعها، وحلق في فضاء خيالها، وأصغ إلى تغريد آرائها، وابحث عن نور لعتمة الدروب والمنعطفات التي تمر بها، لتتحول إلى تلك المرأة القائدة الحصيفة، مربية الأجيال، وصانعة الرجال. فيا ضياء الدنيا... ويا لون الحياة... اعبري بأحلام أمتنا، واصنعي فجرًا رهيفًا، ومجدًا شامخًا، وعزًا مؤزرًا.