لا يزال سباق الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي في بداياته، غير أنّ بيرني ساندرز وبيت بوتيدجيدج اللذين يفصل بينهما نحو 40 عامًا، سجلا انطلاقة قوية في هذا الاستحقاق الذي سيخرج منه فائز لمواجهة الرئيس دونالد ترامب في انتخابات نوفمبر الرئاسية، وتصدر سناتور ولاية فيرمونت الاشتراكي ورئيس البلدية الصغيرة في انديانا الذي كان لا يزال مجهولا على الصعيد الوطني قبل نحو عام، انتخابات ولاية نيوهامبشر، إذ حازا تواليًا نسبتي 26% و25%. وعلى إثر هذه النتائج، أولى المتنافسون التسعة اهتمامهم بولاية نيفادا (22 فبراير) ثم كارولاينا الجنوبية (29 فبراير)، قبل موعد ما يعرف ب"الثلاثاء الكبير" (3 آذار/مارس) الذي سيشهد اقتراع 15 ولاية، وأعلن بيرني ساندرز أمام حشد من المؤيدين، "إنّها بداية نهاية دونالد ترامب"، ورغم فوزه في نيوهامبشر، فإنّه لم يكن بفارق كبير عمّا كانت أشارت إليه استطلاعات الرأي. وفي الانتخابات التمهيدية لعام 2016، كان ساندرز قد فاز بهذه الولاية بما يزيد على 60% من الأصوات، متقدّما بفارق كبير على هيلاري كلينتون. ويشكّل "بيرني" في هذا السباق العصي على التكهنات، الخصم الاول لنظراء له في الحزب الديموقراطي يخشون أن يمثّل تموضعه اليساري عقبة عسيرة في مواجهة دونالد ترامب. وفي ضوء ذلك، بات السؤال الحالي يتمحور حول معرفة هوية المتنافس الذي سيتمكن من ارتداء الثوب الوسطي، فهل سيكون بيت بوتيدجيدج الحالم بمسار شبيه بمسار باراك أوباما؟ أو ستكون السناتورة ايمي كلوبوشار التي احتلت المرتبة الثالثة مساء الثلاثاء؟ أو إنّه سيكون الملياردير مايكل بلومبرغ الذي دخل السباق متأخرًا؟. صفعة لبايدن وتفتقر هذه الخريطة إلى جو بايدن الذي كان المرشح الأوفر حظًا لوقت طويل، وتلقى نائب الرئيس الأمريكي السابق وأحدى شخصيات واشنطن منذ نحو نصف قرن، صفعة فعلية في نيوهامبشر بعدما حلّ في المرتبة الخامسة بأقل من 10% من الأصوات، ويقول بايدن إنّ "المعركة بدأت لتوّها"، مذكّرًا بأنّه أكثر شعبية من منافسيه بين السود واللاتينيين. ومن البديهي أنّ ولايتي ايوا ونيوهامبشر لا تمنحان سوى عدد محدود من المندوبين ال1991 الواجب الحصول على تأييدهم من أجل الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي في يوليو. غير أنّ الانتخابات التمهيدية في الولاياتالمتحدة لا تقتصر على كونها عملية حسابية، إذ تتعدى ذلك لتكون مسألة مراكمة الزخم، فالفوز في الاقتراعات الأولى يمنح مزيدًا من الاهتمام الإعلامي ويتيح جمع مزيد من التبرعات، في حين أنّ من شأن تسجيل سلسلة من الهزائم إبعاد المانحين بلمح البصر. وبعدما كانت السناتورة التقدمية اليزابيث وارن صاحبة حظوظ وافرة، سعت كما جو بايدن، إلى التركيز على ما بعد اقتراع نيوهامبشر وإلى رسم صورة جامعة حولها، ولكن يبدو أنّها خسرت الاندفاعة التي تميزت بها حملتها الانتخابية في انطلاقتها، أما سناتورة مينيسوتا المعتدلة ايمي كلوبوشار، فقالت بثقة أمام جمع يرفع سربا من الأعلام الخضر التي تتميز بها حملتها الانتخابية، "مرحبًا أمريكا، أنا إيمي كلوبوشار وسأهزم دونالد ترامب"، معربة عن سعادتها بحملتها التي وصفتها ب"المبهجة والناجعة"، وفي سن 59 عامًا، تهوى إيمي كلوبوشار التذكير بأنّها تتحدر من المنطقة التي يتحتم على الديموقراطيين استعادتها إذا أرادوا فعلًا الفوز في مواجهة دونالد ترامب. وهي تعني بذلك الوسط الغربي الريفي والعمّالي الممتد من الشمال إلى الوسط والذي منحت أجزاء منه أصواتها لترامب في 2016، مهدية إياه نصرًا غير متوقع. ترامب يسخر وسط ذلك، يكتفي دونالد ترامب شبه المتيقن من أنّه سيكون مرشحًا في 3 نوفمبر، بمراقبة خصومه، وبأسلوبه المستفز، يهاجم ويسخر ويوزّع العلامات والنقاط من حوله، وغرّد مساء الثلاثاء بأنّ "إليزابيث وارن التي يشار إليها أحيانًا ببوكاهونتاس، تمضي ليلة سيئة جدًا"، مضيفًا: "أعتقد أنها ترسل إشارات بأنها تريد الانسحاب"، كما قال بشأن مايكل بلومبرغ، هدفه المفضل منذ أيام، "أمسية سيئة جدًا بالنسبة إلى ميني مايك"، وأضاف: "إنّ عددًا من الديموقراطيين (يتوقفون) الليلة، حاصل ذكاء سياسي منخفض جدًا". وفي ظل نتائج مخيبة، أقرّ المرشحان رجل الأعمال أندرو يانغ والسناتور عن كولورادو مايكل بينيت بمواجهة الحقيقة وأعلنا الانسحاب من السباق.