عندما أيد السناتور الجمهوري ميت رومني عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال محاكمته امام مجلس الشيوخ، كان رد الفعل كما توقّعه، سريعًا وغاضبًا. وهاجمه ترامب بشكل متكرر مذاك، بينما طالب أنصار الجمهوريين بطرده من الحزب. ولعل ذلك كان آخر فصل في علاقة رومني المبهمة مع ترامب الذي وصل إلى السلطة في 2016 وعمل على تعزيز مشاعر الولاء له ضمن الحزب الجمهوري. ورومني الثري والوسيم صاحب التوجّهات المعتدلة، من أبرز شخصيات الحزب الجمهوري، حتى أنه كان مرشّحه لمواجهة باراك أوباما في انتخابات 2012 الرئاسية. وكاد رومني أن يصبح أول وزير خارجية لترامب. لكنّه الآن سيسجّل في التاريخ باعتباره الجمهوري الوحيد الذي أيد عزل ترامب، الذي تمّت تبرئته في مجلس الشيوخ الأربعاء. وقال رومني في خطابه التاريخي أمام مجلس الشيوخ إن "الرئيس متهم بانتهاك مروّع للثقة العامة"، واصفًا سلوك ترامب ب"الاعتداء الصارخ" على قيم الولاياتالمتحدة. وأصبح رومني أول سناتور في تاريخ الولاياتالمتحدة يؤيد عزل رئيس من حزبه، في خطوة غير مسبوقة بعد محاكمات عزل أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون عام 1999. وقال إنه استند الى عقيدته المورمونية لاتّخاذ ما وصفه ب"أصعب قرار" في حياته. لكن ترامب، الذي احتفل بتبرئته، سارع بشن هجوم عليه. وقال في "اليوم الوطني للفطور والصلاة" صباح أمس الخميس "لا أحب الأشخاص الذين يستخدمون عقيدتهم كتبرير ليقوموا بما يعرفون أنه خطأ". وكتب ترامب على تويتر لو أن رومني "كرّس طاقته وغضبه لهزيمة باراك أوباما الذي كان متعثراً كما يفعل بنفاق معي، لكان فاز في الانتخابات" عام 2012. علاقة مشحونة وشهدت علاقة رومني بالرئيس الكثير من التقلّبات. وخلال حملة ترامب الانتخابية، وصفه رومني ب"المزيّف والمخادع". لكنه ظهر في صورة لاحقًا وهو يتناول العشاء مع ترامب في مطعم بنيويورك، ويناقش مسألة تعيينه وزيراً للخارجية، وهو المنصب الذي تولّاه لاحقًا ريكس تيلرسون. واندلع السجال مجدداً مع تعرّض ترامب لضغوط متزايدة على خلفية تحرّك النواب لعزله جرّاء طريقة تعاطيه مع أوكرانيا. ووصف رومني، الذي كان حاكم ولاية ماساتشوستس سابقًا، اتصال ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي كان سبب توجيه التهم الرامية لعزله، ب"المقلق لأقصى درجة". وكعادته، واجهه ترامب واصفًا إياه ب"الأحمق المتعجرف". والخميس، أعاد الرئيس نشر تسجيل مصور قديم على تويتر يحمل تعليقًا صوتيًا يصف رومني بأنه "ماكر ومراوغ وخبيث". وجاء في التعليق الصوتي أن رومني "صوّر نفسه كجمهوري محاولا التسلل إلى إدارة ترامب كوزير للخارجية. كُشف عنه الغطاء الآن كعميل سرّي للديموقراطيين". ولم يعد لدى رومني (72 عامًا)، الذي كوّن ثروة من تمويل الشركات، أي طموحات رئاسية. وتنتهي ولايته كسناتور عن ولاية يوتا حتى العام 2025. لكنه يواجه حاليًا سيلاً من الانتقادات من صفوف الحزب الجمهوري. وكتب نجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جونيور على تويتر "إنه الآن رسميًا عضو في المقاومة ويجب طرده من الحزب الجمهوري". وكانت هناك تحرّكات كذلك في يوتا لتمرير مشروع قانون يسمح للناخبين بإزاحة أعضاء مجلس الشيوخ، وهو ما قد يشكل تهديداً لرومني الذي أغضب الكثير من الجمهوريين بموقفه المناهض لترامب. على الضفة الأخرى، حصل على إشادة من ديموقراطيين على غرار السناتور كريس مورفي الذي كتب على تويتر إن رومني اتّخذ موقفًا "في وقت يتساءل كثيرون عمّا تبقّى من الشرف في الحياة العامة". وفي خطابه أمام مجلس الشيوخ، تحدّث رومني عن مشاعره المتناقضة حيال ترامب وعن إرثه بعد تصويته في قضية عزل الرئيس. وقال "أؤيّد جزءاً كبيراً من الأمور التي قام بها الرئيس. منحته صوتي في 80 بالمئة من الحالات". وأضاف "نحن جميعًا بأفضل الحالات هوامش في سجلات التاريخ، لكن في أقوى أمة على الأرض، الأمة التي ولدت من الحرية والعدالة، هذا شرف كافٍ لأي مواطن".