على مدى عقود إلى الأمس القريب، لم يكن يتولى رئاسة الأقسام الرئيسية في كلية الطب وبالذات الجراحية منها سوى الأطباء، ولم يسبق أن تبوأت طبيبة هذا المنصب الرفيع من قبل وبالأخص في قسم النساء والولادة. وفي العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان تم تذليل كل عسير في سبيل تمكين المرأة وإعطائها فرص المشاركة في بناء مجتمعها؛ فتقلدت كثيراً من المناصب الهامة والتي كانت في السابق حكراً على الرجال. فقد شاركت المرأة في مجلس الشورى وفي رئاسة بعض من بلديات المدن، وأصبحت عميدة لكلية ورئيسة لقسم. واليوم أود أن أشارك المجتمع تجربتي مع رئيسي الجديد في قسم النساء والولادة -أو رئيستي- الدكتورة سميرة فهد البصري؛ فهي إحدى خريجات جامعة الملك عبدالعزيز، وكانت قد التحقت ببرنامج الزمالة السعودية وحصلت على شهادة الاختصاص ثم ابتعثت إلى فرنسا للتخصص الدقيق، وعادت لتواصل العمل في القسم.. وكما هو الحال المعمول به، فرئيس القسم يكلف العائدين الجدد لسلك التدريس بعض المهام الإضافية، فكانت الدكتورة سميرة تنجز وتُكْمل كل ما يوكل إليها بإتقان تام، ثم أوكلت إليها بعض المهام الإدارية الأخرى، ثم تم تكليفها كمدير طبي للمستشفى الجامعي، وأخيراً رئيسة لقسم النساء والولادة.. وقد أعادت هيكلة العمل بالقسم من خلال ترتيب متقن للأولويات، ما انعكس إيجاباً على المستوى المأمول للخدمات المقدمة للمرضى، مع الارتقاء بمستوى الطلبة والطالبات. لقد أنشأت الدكتورة سميرة وحدة المشيمة المتقدمة، وشاركت في كثير من اللجان المسؤولة عن الاعتماد الأكاديمي والطبي (سواء الاعتماد المحلى أو الاتحاد الدولي) فأصبح لديها الخبرة الكافية في تحديث وتجهيز المستشفيات لذلك الاعتماد. أرجو أن نرى الدكتورة سميرة ومثيلاتها يوماً ما على رأس هرم الكلية، ولم لا يكون على رأس هرم الجامعة، فهن مبدعات ونماذج مشرفة للوطن والمجتمع، ومستقبل بلدنا مرهون بالعمل والجد والاجتهاد من قبل الجميع ولا مكان فيه للمحبطين أو المنظرين المتذاكين أو الكسالى.