الحقيقة أن التغيير في عهد الملك سلمان، والذي يقود دفّته ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كالشمس في عز الظهر -كما يقولون-، لا يحتاج إلى شرحٍ وتفصيل، أو سرد قصص ومواقف لإثبات الثابت، وتوضيح الواضح! فقط نحن بحاجة إلى إدراك، أن التغيير طال كل ما كان مدعاة للشكوى نظرًا لقصور الخدمات في العديد من المؤسسات الحكومية، فإذا كانت بعض الخدمات تُقدَّم بشكل مُبَالَغ فيه لقلة، أو فئة من الناس وأكثر مما يجب ويستدعي الموقف أو الحاجة، نظير الفساد، سواء عن طريق الرشوة أو المحسوبيات؛ فإن الغالبية العظمى لم تكن تحصل على حقها من الخدمات الحكومية، وإذا حصلت عليها فإنها تُقدَّم كهبةٍ أو صدقةٍ من الموظف أو المسؤول، وعلى المواطن أن يلهج بالشكر والثناء لذلك الموظف أو المسؤول، مهما أصابه من عناءٍ وعنت، وتدني المستوى المطلوب للخدمات التي حصل عليها، وهذا ما يُحسب لهذه الانتفاضة الحكومية في الخدمات المختلفة التي تُقدِّمها للمواطن إلكترونيًا أو حضوريًا، لكنِّي سأُركِّز في هذه المقالة على التغيير الذي طال الخدمات الإسعافية، عن تجربة حديثة جدًا، أما الخدمات الصحية فإني أسمع عنها ما يُفرح ويُثلج الصدر، وأنها مواكبة للسعودية الجديدة ورؤية 2030، وإذا كُنَّا بحاجةٍ إلى التذكير بالخدمات في هذين المجالين، نسترجع القصص والحكايات المأساوية التي تعرَّض لها بعضنا، ولأني ممَّن عِشتُ مأساة حقيقية سواء مع الخدمات الإسعافية أو الصحية، وكتبتُ عنها، لكن لا حياة لمَن تُنادي في ظل الفساد المستشري في ذلك الوقت. أحببتُ أن أُخصِّص هذه المقالة للإشادة بهذه التجربة الحديثة مع الخدمات الصحية، التي أصبحت على مستوى عالٍ من السرعة والمهنية. كان التقصير في تقديم الخدمة الصحية للمرضى في المستشفيات الحكومية، أو الخدمات الإسعافية، خصوصًا لحوادث الطرق، حالة مستعصية على الإصلاح، أما الحوادث المنزلية، فقد أدى يأس المواطن نتيجة بطء الاستجابة وتدنِّي المهنية، إلى التعامل معها شخصيًا، أي أن يقوم هو بنقل المصاب نتيجة السقوط أو الارتطام بجسم صلب إلى مستشفى حكومي، أو إلى مستشفى خاص، ومع ذلك كأنه يتسوَّل الخدمات، مع خطر مضاعفة الكسور للجهل في التعامل معها من قِبَل المواطن غير المُلِم بالإسعافات الأولية، والتعامل مع الإصابات المختلفة، كذلك توجع المصاب والمضاعفات التي يتعرَّض لها نتيجة التأخُّر في تقديم المساعدة الطبية السليمة، أو النقل بطريقةٍ خاطئة، كل هذا أصبح الآن وجهًا كئيبًا من أوجه الماضي، نذكره لتصح المقارنة بين الخدمات الإسعافية (سابقًا وحاليًا)!. هناك بالتأكيد فرقٌ كبير لن يُدركه إلا مَن مَرّ بتجربة أليمة سابقة، استدعت تخبّطه وانتظاره، وألم صدمة المفاجأة من سائق إسعاف يتوه في الشوارع، ولا يصل إلى العنوان إلا عن طريق دليل يُرسله ذوو المصاب في فوضى التوتر والقلق والخوف، والصدمة الكبرى عندما يصل الفريق الإسعافي لا يحمل أبسط الأدوات الطبية، كجهاز الضغط والسكر مثلاً، ويشاء القدر أن يمر بتجربةٍ حديثة جدًا تستدعي الاتصال بالرقم الموحد «911»، أو الهلال الأحمر «997»، ليصل الإسعاف في وقت قياسي، والفريق الإسعافي على مستوى عالٍ من المهنية والتعامل الإنساني الراقي، تُدرك أن التغيير شامل، وأنه في مصلحة المواطن، وأنه لا يُشبه التغيير الذي ينظر إليه البعض من زاويةٍ حادة، أو تصوّره أوهامهم مغرق في السلبيات، أولئك بحاجة إلى تجربة التعامل المباشر مع الخدمات المختلفة كي يتحرَّروا من تلك الرؤى القاتمة، وزوايا النظر الضيقة التي ترى في كل قرار وفي كل دفقة تغيير خطرًا محدقًا بمجتمعنا، وعلاقاتنا وأخلاقنا وفضيلتنا، ويدرك أن التغيير نهر دافق بالخير يصب في مصلحة المواطن مهما كان مستواه المادي أو الاجتماعي، لا فرق يجعل الخدمات تسرع لفئةٍ قليلة وتُبطئ أو تمتنع عن الوصول إلى مَن يحتاجها، ولأني مررتُ بتجربة حديثة جدًا، تفوَّقَت فيها الخدمات الإسعافية في تخفيف ألم التجربة، أشعر أنِّي مدينة للمسعفين «عبدالعزيز عداوي» و»أحمد عسيري»، بالشكر والامتنان.