يطيب ذكره وذكر سيرته صلى الله عليه وسلم في كل حين وتطيب في ذكرى مولده عليه الصلاة والسلام.. ما تسابقوا عليها الصحابة رضي الله عنهم إلا لأنها أطيب من الطيب، وأحلى من العسل، وهي لا تقع على الأرض بل يتلقفونها تلقفًا، عرفوا قيمتها وبركتها فقدّسوها وتباركوا بها وتسابقوا عليها، ألا وهي نخامة الحبيب صلى الله عليه وسلم.. فقد ورد في صحيح البخاري وغيره عن المسور ومروان (ما تنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده)، وعن أنس رضي الله عنه قال: (بزق النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبه) البخاري، وورد أن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية بعينيه فقال لما رجع إلى أصحابه: (أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي والله إن رأيت ملكًا قط يُعظّمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدًا والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له) ورد في البخاري. أبالله هذه نخامة؟ نعم نخامته صلى الله عليه وسلم، وليست أي نخامة، فيها بركة واستشفاء، وهي أطيب من الماء الزلال، وأنقى من الشهد المصفى، ولا يعتقد أنها مثل ما نتنخم نحن، والماء الذي يتوضأ ما كادوا يقتتلون عليه إلا لأنه لامس ومس جسد الحبيب صلى الله عليه وسلم، واستطاب بعد ذلك وبورك فيه، وتبارك الماء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وورد وصف طيب الطيب الحبيب صلى الله عليه وسلم في صحيح ابن حبان عن أنس رضي الله عنه قال: (ما شممت مسكة ولا عنبرة قط أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وكان عرق صفي الله صلى الله عليه وسلم يجمع ليطيب به الطيب، ويطيب ويتبارك، فعن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي أم سليم فيقيل عندها على نطع وكان كثير العرق فتتبع العرق من النطع فتجعله في قوارير مع الطيب وكان يصلي على الخمرة) صحيح ابن حبان. حتى شعره صلى الله عليه وسلم مبارك، فيه بركة: ورد في كتاب هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الجزائري، أنه روي أن خالد بن الوليد رضي الله عنه كانت له قلنسوة فيها شعيرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت منه في حروبه فشد عليها شدة أنكرها عليه أصحابه لكثر من قتل فيها فقال: لم أفعلها من أجل القلنسوة بل لما فيها من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا أسلب بركتها، وتقع في أيدي المشركين.!! وورد في الصحيحين عن أنس بن مالك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس) وفي رواية أبي كريب: (قال فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك ثم قال ههنا أبوطلحة فدفعه إلى أبي طلحة وفي رواية أعطى أم سليم منه وفي رواية أعطى أبوطلحة وقال له صلى الله عليه وسلم «أقسمه بين الناس» وكلها في الصحاح وصحيحة)، فداه نفسي وأبي وأمي وولدي والناس أجمعين بل الكون بما حمل.. ليت شعري واجد بصقة، أو بزقة، أو نقطة دم، أو شعرة له صلى الله عليه وسلم أتبارك بها واجعلها قربة إلى الله تعالى ومحبة واتباعًا له صلى الله عليه وسلم، وصدقت يا عبيدة عندما قال لك ابن سيرين: (عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس أو من قبل أهل أنس فقلت لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها) البخاري. بل البركة نالت مَن شَرب دمه تبرّكًا به بعد تحجّمه صلى الله عليه وسلم: (فقد ورد في المستدرك على الصحيحين عن عبدالله بن الزبير يحدث أن أباه حدثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم فلما فرغ قال يا عبدالله اذهب بهذا الدم فاهرقه حيث لا يراك أحد فلما برزت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدت إلى الدم فحسوته، فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ما صنعت يا عبدالله؟ قال جعلته في مكان ظننت أنه خاف على الناس قال فلعلك شربته قلت نعم).. وما اتكالي إلا على الله، ولا أطلب أجرًا من أحد سواه.