تلقت «الشرق» رسالة من المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المنطقة الشرقية عبدالله اللحيدان، يشير فيها إلى ما نشر في «الشرق»، في العدد 49، بعنوان «خطيب جامع يجيز التبرك بآثار النبي الحاضرة في متحف اسطنبول»، والذي أوضح فيه خطيب جامع المغيرة بن شعبة، في الأفلاج، الشيخ حبشان الحبشان «جواز التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وآثاره»، مستدلاً بعدد من الأدلة الواردة في السنة النبوية. وأرفق اللحيدان رده بما كتبه عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء الدكتور محمد الفريح، الذي قال فيه الفريح «التبرك بذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم في حياته، وكذا التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم الثابتة أنها منه ليس بممنوع شرعاً»، وكذلك «آثاره الحسية صلى الله عليه وسلم المنفصلة عنه الثابتة أنها منه عليه السلام كشعره، وعرقه، وما كان يلبسه ونحو ذلك، سواء في حياته، أو بعد وفاته». وأضاف أنه «لا يجوز لأحد كائناً من كان أن ينسب شيئاً لرسول صلى الله عليه وسلم بلا برهان قاطع، ولا دليل واضح، ومن نسب إليه شيئاً من غير دليل فهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار)»، موضحاً أن «من قال: إن هذا من شعر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إن هذا من لباسه، ولم يأت بإسناد على ذلك، فهو كمن حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا سند، فكما أنه لا يقبل حديثه إلا بإسناد صحيح، فكذلك ما ينسب إليه من تلك الآثار». وتابع «والأصل أن تلك الآثار المنسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليست من آثاره، ومن ادعى غير ذلك لزمه الدليل». وأشار الفريح إلى أن بعض الأحاديث الواردة، إن صحت، توضح أن ترك التبرك أولى، وقال إن الشاطبي «أورد حديثاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا توضأ أو تنخم ابتدر من حوله من المسلمين وضوءه ونخامته، فشربوه ومسحوا به جلودهم، فلما رآهم يصنعون ذلك، سألهم: لم تفعلون هذا؟ قالوا: نلتمس الطهور والبركة بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان منكم يحب أن يحبه الله ورسوله، فليصدق الحديث، وليؤد الأمانة، ولا يؤذ جاره»، فإن صح هذا النقل فهو مشعر بأن الأولى تركه»، وتساءل «ما دليل خطيب الجمعة على أن من تبرك آثاره صلى الله عليه وسلم فهو مأجور؟ ومن فرط في ذلك فقد ضيع أجراً كبيراً». وقال إن الخطيب استدل بأن ابن عمر كان «يتحرى أماكن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم فيصلي فيها، ومنها أماكن لامست رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالتمسح بمقعده على المنبر، ونحو ذلك!! على جواز التبرك بتلك الآثار المزعومة». وأضاف «كيف يحث الخطيب على أمر لا يمكن فعله لو قيل بصحة ذلك، فهل عند الحاث عليه دليل صحيح على أثر واحد منسوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الزمان حتى يؤجر»، وأن المنبر الذي يستدل به «احترق منذ قرون»، بل إن «بعض آثاره صلى الله عليه وسلم ثبت فقده في عهد الخلفاء الراشدين»، وكذلك «البردة والقضيب، وهو غصن منسوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان يستعمله، فقد ذكر بعض المؤرخين إحراق التتار لهما». وأوضح أن ابن عمر لم يكن «يتقصد ذلك لأجل التبرك بذات الشيء، بل كان يفعل ذلك محاكاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتابعة له». واختتم الفريح رده بقوله إن «البركة الدائم نفعها في الدنيا والآخرة، والمرجو حصولها هي بركة القيام بدين الله ظاهراً وباطناً، والدعوة إلى التوحيد، والتحذير من الشرك، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن المعروف القيام بشهادة أن محمداً رسول الله في اتباع سنته، والذب عنها، ومحاربة البدع، وحث الناس على لزوم السنة، وبيان حق الرسول صلى الله عليه وسلم في المحافظة على ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه».