زرت مدرستهم قبل صف الصباح بربع ساعة تقريبًا، وكان أحد أوائل الحاضرين مبكرًا، ملأ المكان بهجة وتفاؤلا، وأخذ يعد الطلاب وينظمهم لأداء صلاة الاستسقاء.. تقدم الطلاب والمعلمين وأمهم للصلاة ثم خطب خطبة رائعة معدة بعناية لتناسب ما يواجه الطلاب من مشكلات وطرق الوقاية منها، وبعدها تحدث معي مدير المدرسة عندما رأى إعجابي به فقال إنه شعلة من النشاط والحيوية، ويقدم خبراته وخدماته لكل زملائه بالمدرسة، ونستفيد جميعًا من مقترحاته وتوجيهاته، ولكن للأسف سوف يتقاعد في شهر (5) ونحن في أمس الحاجة له، ولماذا شهر (5) قال: لأنه يبلغ السن النظامي، دهشت من ذلك فهو يتمتع بحيوية ونشاط لا توحي أبدًا أنه في الستين، وكانت دهشتي أكبر عندما علمت أيضًا أن خدمته قاربت الواحد وأربعين سنة (ما شاء الله) وهذا يعني بإمكانه التقاعد مبكرًا بمجرد وصول خدمته أربعين سنة ويحصل على راتب تقاعدي كامل، وأن خدماته بعد الأربعين سيحصل على راتب منقوصًا منه نسبة 9٪ لمصلحة التقاعد، وهو يدرك ذلك ومع ذلك يواصل العمل حبًا وعشقًا لطلابه ولهذه المهنة الشريفة، وهنا لابد من جلسة مع المعلم الذي يأسرك بحديثه وجديته ونشاطه، فوجدته ذلك النموذج والقدوة للمعلم المخلص العاشق لمهنته ورسالته، المبتهج بها، بل ويرى أن ما ينعم به من صحة وتوفيق وصلاح الأبناء وتفوقهم يعود بعد فضل الله إلى قيامه بأمانة هذه المهنة العظيمة، ويستمر هذا المعلم القدوة في مفاجأتي بأنه طوال هذه الخدمة لم يتغيب عن المدرسة اضطراريًا غير أربعة أيام فقط وهو يعرفها بالتاريخ والسبب المؤدي لذلك أحدها كان ابنه منوم في العناية المركزة وآخرها عندما تغيب يوم لمناقشة رسالة الدكتوراة، من مؤهل معهد إعداد معلمين إلى شهادة الدكتوراه.. وإن أردت أن تتعرف على جهوده في مدرسته فحدث عنه ولا حرج تميز في الأداء وعطاء بلا حدود، يحضر مبكرًا ليقدم دروسًا علاجية لبعض الطلاب المحتاجين لها.. إن هذا المعلم القدوة استشعر أهمية هذه الرسالة وأثرها على صناعة وطن عظيم راقٍ حضاريًا في شتى المجالات، فكان هذا العطاء الكبير. إننا أمام معلم عظيم قدم لوطنه جل وقته وطاقته، وساهم بإخلاص في بناء هذا الوطن المبارك، إنه المعلم القدير الدكتور محمد حسن شداد الزيلعي، المعلم بمدرسة ابتدائية ومتوسطة تحفيظ القرآن الكريم بالصفة بمكتب حلي- تعليم القنفذة.. وبمثل هؤلاء الرجال يفخر الوطن والعلم والتعليم. مدير التعليم بالقنفذة