كنت مع استمرار مدرب الاتحاد سييرا حتى وهو يثبت في نهائي كأس الملك الموسم الماضي أمام التعاون بأنه مدرب لا يجيد التعامل مع المباريات الحاسمة، ويسلمها بسهولة للمنافس، فكان تفكيري ينصب آنذاك على أن الفريق يحتاج إلى استقرار فني يعيد له توازنه في الموسم المقبل. الواضح لي أن إدارة نادي الاتحاد بعد كل الإخفاقات السابقة للمدرب سييرا لديها قناعة بأن الاستقرار أفضل من التغييرات، ولن أذهب لتبريرات بأن اللاعبين هم من أبقوه، فلاعب كرة القدم مهما بلغ حجمه من غير المنطق أن يقيم المدرب وهو يشرف عليه، ودائمًا آراؤه الفنية في هذه الحالة تنصب حسب العلاقة بينهما، وفي يقيني أن إدارة الاتحاد فضلت الاستقرار على الفشل، فسييرا قد ينجح في مباراة أو مباراتين، لكنه في المجمل ليس لديه ما يقدمه للاتحاد، فأصبح يتخبط هنا وهناك، وحتى نكون منصفين فللمدرب التشيلي ميزات كما له سلبيات، فهو يعرف كيف يصل لمرمى الفريق المقابل ومن أقصر الطرق، لذلك يصنع الاتحاد الفرصة تلو الأخرى، وهذه ميزة يجب أن تقدر، أما سلبياته فحدث فلا حرج وأهمها قراءته السيئة للمباريات وتغييراته التي تزيد أوضاع الفريق سوءًا، فلا نعرف على أي معيار يبني سييرا قراره في التغيير، وهذا يحدث في كل مباراة تصبح متأرجحة فنيًا. ولنعد من البداية ونحدد إخفاقات سييرا، فهو من اختار المحترفين، والواضح لي أنه حدد منهجية للفريق لا تتناسب إطلاقًا مع الاتحاد، فالنمر الاتحادي عرف بالسرعات، وهي وسيلته دائمًا للكسب.. «سرعة وروح»، سييرا فرغ الفريق من هذه السرعات، ففي ظل غياب أسرع اللاعبين فهد المولد للإيقاف وكان البديل الأمثل رودريغيز.. أصر على إدارة أنمار التخلص منه، وقال مقولته الشهيرة «الكرة ليست مجرد ركض»، وهمش اللاعب الدولي عبدالعزيز البيشي وحوله أسيرًا لدكة البدلاء وهو أحد اللاعبين الذين يتميزون بالسرعة ومن أبرز نجوم الكرة السعودية حاليًا، وبالتالي قضى على الأطراف، وأوعز لبريجوفيتش لاعب الصندوق الخروج للطرف، وهذا لا يتناسب مع طبيعة أدائه، وأحضرت له الإدارة الاتحادية مشكورة عبدالرحمن العبود وهو أيضًا يتميز بالسرعة والمهارة، وكأنه لم يره، أشركه مرة واحدة في خانة الظهير وفي اللقاء الأخير أمام الحزم وأثبت للجميع أنه لاعب يستفاد منه. خالد السميري أحد العناصر التي تتميز بسرعة الأداء، رأى سييرا أن سرعته لا تتناسب مع بطء الفريق فتجاهله تمامًا، وجابر عيسى أحد الذين يتميزون بالخفة، أشركه أساسيًا في غالبية المباريات خلال فترة الإعداد ومن ثم حارب على قيده في الآسيوية ثم أسقطه فجأة من الكشوفات في آخر يوم من التسجيلات الصيفية!!. أما حمدان الشمراني وهو أيضًا أحد العناصر التي تتميز بالسرعة، فضل عليه منصور الحربي، ولإثبات أن سييرا فضل النهج البطيء فإن جل تعاقداته كانت مع لاعبين بطيئين.. أحضر خمينيز منتهي الصلاحية وأصر عليه، وفيتشو الأفضل نسبيًا ولكنه أيضًا بطيء في الأداء، وأصر على فيلانويفا الذي بلغ من الكبر ما بلغ وهو أيضًا بطيء الحركة.. إذًا سييرا حول النمر إلى سلحفاة، ففقد فريق الاتحاد كل مميزاته وبات كتابًا مفتوحًا لكل مدرب يقرأه ويستحوذ على منطقة المناورة ويتمكن من التفوق عليه، وهناك مساحة خطرة أمام قلبي الدفاع يتم من خلالها التسديدات جعلت فواز القرني أكثر حارس يتصدى للكرات وهذا ثابت بالأرقام، والعيب في المحاور، فإن كان كريم الأحمدي يؤدي دوره كما يجب إلا أن فيلانويفا لا يتناسب مع هذا المركز. الاتحاد حتى وهو يكسب الرائد كانت الأفضلية للفريق الخاسر.. فريق غير مقنع لأن المدرب أفقده ميزاته ولا يعرف قدراته، ومن الطبيعي في ظل هذه القراءات الفنية المغلوطة فإن استمرار سييرا قرار خاطئ. أما بالنسبة للإدارة الاتحادية فالكثيرون يوجهون لها الانتقادات، والأمر على شقين، فإدارة أنمار قدمت عملًا جيدًا، فواصلات التعاقدات المحلية التي بدأتها إدارة المهندس لؤي ناظر، فعبدالعزيز البيشي وحمدان الشمراني حضرا في عهد الإدارة السابقة، وإدارة أنمار تعاقدت مع عبدالإله المالكي وعبدالرحمن العبود وهارون كمارا وعبدالمحسن فلاتة، وجميع التعاقدات كانت بهدوء إذا ما استثنينا كمارا فقط الذي تكبدت فيه الملايين لتعزيز قدرات الفريق وإرضاءً للجماهير.. ها هو المالكي أحضرته احتياطيًا من الوحدة لتقدمه أساسيًا في المنتخب الوطني، إنه عمل يذكر فيشكر وهذا يثبت أن هناك رؤية صائبة وأنها تتشاور مع فنيين مختصين في قراراتها، أما مسايرتها لسييرا فهي مخطئة في ذلك، ومن الأفضل أن تتوقف عن هذا الأمر، فنجاحاتها هناك تسلب هنا، والقرار لها. أخيرًا هناك من يدافع عن سييرا باستماتة، لمجرد أن من أحضره في المرة الأولى يكن له كل احترام، وجميعنا يتفق على من أحضره، ولكن من أحضر سييرا لو كان موجودًا لما أبقاه يومًا، وقبل ذلك لم ولن يسمح له بأن يعبث بالاتحاد على هذا الشكل الذي نراه، ولتبقى مصلحة الكيان الاتحادي فوق كل اعتبار.