بلغ أمر الحب والمحبة بالعرب مبلغًا عظيمًا حتى خلدها التاريخ، فالحبّ العربي ثم الإسلامي هو مثال عن الحُبّ العالمي؛ فهل رأى الحبّ تجليًّا في العالم أعظم من حب هؤلاء: المجنون لليلاه أو لبناه، وجميل لبثينة، أو الصريع للغواني، حيث انتشرت عبارة «نحن قوم إذا عشقنا متنا».. كما وصلت بهم إلى حالات الجنون والداء، كمجنون ليلى (قيس بن الملوح) الذي كان يطارد الجبال والوديان يمزق الثياب، ويكلم نفسه. **** وأستطيع أن أقول دون تحفظ بأنه على الرغم من اشتراك الأمم والشعوب، قديمها وحديثها، وكبيرها وصغيرها -دون استثناء- في معرفة الحبُ ومعاناته، وفي تقدير أهميته في حياة الفرد والمجتمع. فإن «الحب والجمال عند العرب» لهما مقام أسنى ومنزلة أعظم. **** لم يكن الحب عند العرب حكراً علي فئة من الناس، أو طبقة معينة، بل علي العكس عرفه جميع العرب، وزاوله جميع الشعراء، من مختلف فئات المجتمع وطبقاته، كالأمراء أمثال امريء القيس، والحكماء كزهير بن أبي سلمي، والأبطال كعنترة بن شداد، والمُجَّان كالأعشى، والصعاليك كعروة بن الورد. **** والحبّ لم يقتصر عند العرب على الرّجال، إذ عُرفت النساء أيضا بحبهن الجامح؛ فقد نبغت النساء أيضاً في الغزل والشّعر مثل ليلى الأخيلية، الشّاعرة المفلقة المعروفة بجمالها وقوة شخصيتها وفصاحتها في العصر الأموي وعشقها المتبادل مع توبة بن الحُميّر، حبّا عذريًا لا حدّ له.. والتي يعتبر رثاؤها في توبة بن الحُميّر قمة في شعر الغزل، حيث تقول: وأقسمت أرثي بعد توبةَ هالكا وأحفِلُ من دارت عليه الدوائر لعَمرك ما بالموت عارٌ على الفتى إذا لم تصبه في الحياة المعابرُ #نافذة: «الحب نبت صحراوي أصيل عرفته البادية وظلت ترعاه وتمد له فى الأسباب حتى نما وازدهر...». يوسف خليف