تلقّت بريطانيا صفعة مدوّية في الأممالمتحدة الأربعاء بإصدار الجمعية العامّة قراراً غير ملزم أمهل لندن ستة أشهر لتسليم جزيرة موريشيوس أرخبيل شاغوس الذي يؤوي قاعدة عسكرية بريطانية أميركية استراتيجية مشتركة. ومشروع القرار الذي أعدّته موريشيوس، أقرّ بأغلبية 116 دولة، ومعارضة ست دول فقط بينها بريطانياوالولاياتالمتحدة واستراليا والمجر، في حين امتنعت الدول ال56 الباقية عن التصويت. هذا القرار ليس ملزماً إلاّ أنّه يتّسم بأهمية كبرى من الناحية السياسية. وصوّتت الدول الأفريقية بأغلبية ساحقة لصالح القرار، في حين أظهر الأوروبيون مواقف متباينة، إذ انقسموا بين رغبتهم بتأييد دولة ما زالت عضواً في الاتحاد الأوروبي وحرصهم على احترام القانون الدولي. وامتنعت فرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا عن التصويت في حين صوّتت إسبانيا واليونان والنمسا لصالح القرار. وجزر شاغوس محور نزاع قديم بدأ قبل خمسة عقود بقرار أصدرته بريطانيا في 1965 وقضى بفصل جزيرة موريشيوس عن الأرخبيل وإقامة قاعدة عسكرية مشتركة مع الولاياتالمتحدة في كبرى جزره دييغو غارسيا. وحصلت جزيرة موريشيوس على استقلالها في 1968. وقد طردت المملكة المتحدة حوالى ألفين من سكان الأرخبيل إلى جزر مورشيوس والسيشل لإقامة القاعدة العسكرية على كبرى جزره دييغو غارسيا. ومنذ 1975، قامت موريشيوس بمبادرات قضائية عديدة لاستعادة جزر شاغوس. وقال رئيس وزراء موريشيوس برافيند جونيوث إن "الاستعمار لم يعد مقبولا"، معبرا عن أسفه لأن لندن "لم تعترف بخطئها" بعد رأي محكمة العدل الدولية. وكانت هذه الهيئة أعلنت في نهاية شباط/فبراير في رأي استشاري أنه على لندن أن "تنهي في أقرب وقت ممكن" إدارتها لشاغوس. لكن الرأي لم ينفذ فقررت موريشيوس رفع القضية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وإن كانت قراراتها لا تتمتع بقوة القانون الدولي مثل تلك الصادرة عن مجلس الأمن. "آخر مستعمرة بريطانية" أكدت السفيرة البريطانية في الأممالمتحدة مارين بيرس أن هذا الملف هو مشكلة ثنائية، وشددت على "الدور الحيوي" للقاعدة العسكرية لأمن المنطقة "بما فيها موريشيوس". وكان قضاة محكمة العدل الدولية أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة رأوا أن المملكة المتحدة فصلت أرخبيل شاغوس عن موريشيوس "بطريقة غير قانونية". وفي 2017، صوت 15 بلدا فقط بينها المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة ضد طلب موريشيوس رفع القضية إلى محكمة العدل الدولية. وامتنعت 65 دولة كانت عالقة بين دعمها للندن وضرورة احترام القضاء الدولي، عن التصويت، بينها المانياوفرنسا وكندا، بينما أيدت 94 دولة طلب موريشيوس الحصول على رأي للقضاء الدولي. وكان رئيس وزراء موريشيوس رأى في شباط/فبراير أنه "حان الوقت لتفكيك آخر مستعمرة بريطانية في إفريقيا"، مؤكدا في الوقت نفسه أن بلاده لا تطالب بإزالة قاعدة سان دييغو الأميركية البريطانية. ولتبرير استمرار سيطرتها، على الأرخبيل، أصرت بريطانيا على الدور الدفاعي لهذه القاعدة التي تسمح بالدفاع عن العالم في مواجهة "التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة والقرصنة". في 2016، مددت المملكة المتحدة حتى 2036 عقدا حول استخدام القاعدة العسكرية مع الولاياتالمتحدة. وهذا ما لعب دورا استراتيجيا خلال الحرب الباردة قبل استخدامها في سنوات ال2000 في نزاعي العراق وأفغانستان.