أعلن المجلس العسكري الحاكم في السودان الثلاثاء أنّه يعتقل واحداً فقط من أشقّاء الرئيس المخلوع عمر البشير الخمسة وليس اثنين كما كان أعلن سابقاً، مشيراً إلى أن الشقيق الثاني نجح في الفرار إلى تركيا. وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق الركن شمس الدين كبّاشي للصحافيين "كنّا أعلنّا في 17 نيسان/أبريل اعتقال شقيقيّ الرئيس، عبد الله والعبّاس (...) لكنّ المعلومة لم تكن دقيقة: ذاك اليوم تمّ القبض على عبد الله" فقط. وأضاف "في اليوم التالي ظهر العبّاس في منطقة حدودية لدولة مجاورة"، مشيراً إلى أنّ السلطات السودانية طلبت من هذه الدولة، التي لم يسمّها، تسليمها شقيق البشير لكنّها رفضت ذلك. وتابع "بعد ذلك جاءت الأخبار أنّه في تركيا". ووفق المجلس فإنّ البشير محتجز في سجن كوبر في الخرطوم. والإثنين أعلن مكتب المدعي العام السوداني أنّه تم توجيه اتّهام إلى البشير بقتل متظاهرين خلال الاحتجاجات التي اندلعت ضد نظامه وأدت إلى الإطاحة به في 11 نيسان/أبريل. وقتل ضابط سوداني وخمسة متظاهرين في إطلاق نار وقع مساء الإثنين في ساحة الاعتصام في الخرطوم بعيد إعلان قادة الاحتجاجات والمجلس العسكري الحاكم التوصّل إلى اتّفاق على تشكيل "مجلس سيادي". وقالت "لجنة أطباء السودان المركزية" المرتبطة بحركة الاحتجاج في بيان فجر الثلاثاء "بكل الحزن وبالغ الأسى ننقل لكم خبر استشهاد الشهيد السادس لهذا اليوم". وأحصت اللجنة في عداد هؤلاء القتلى ضابطاً برتبة رائد كان المجلس العسكري أعلن في وقت سابق من مساء الإثنين مقتله في الخرطوم برصاص "جهات تتربص بالثورة" لم يسمّها. وكانت اللجنة أعلنت في بيان أول أنّ من أطلق النار هي "ميليشيات النظام الساقط في محاولاتها لفضّ اعتصام الشعب السوداني الباذخ". "مندسّون مسلّحون" في مؤتمر صحافي عقده فجر الثلاثاء بمقر القيادة العامة للجيش قال المجلس العسكري "لاحظنا وجود مندسّين مسلّحين بين المتظاهرين". وأضاف أنّ "لجنة تقصّي الحقائق ستثبت ذلك". ونفى المجلس إطلاق "رصاصة واحدة ضد الشعب السوداني". وكان المتحدّث باسم المجلس الفريق الركن شمس الدين كباشي قال في بيان مساء الإثنين إنّ من أطلق النار هي "مجموعات دخلت إلى منطقة الاعتصام وعدد من المواقع الأخرى وقامت بدعوات مبرمجة لتصعيد الأحداث من إطلاق للنيران والتفلّتات الأمنية الأخرى في منطقة الاعتصام وخارجها والتحرّش والاحتكاك مع المواطنين والقوات النظامية التي تقوم بواجب التأمين والحماية للمعتصمين". وأضاف البيان أنّ "هذه الأحداث أدّت لاستشهاد ضابط يتبع للقوّات المسلّحة (...) وإصابة ثلاثة أفراد أخرين، إلى جانب عدد كبير من الجرحى والمصابين من المعتصمين". ولم يكشف المجلس في بيانه عن هويّة مطلقي النار، مكتفياً بالقول إنّ ما جرى تقف خلفه "جهات تتربّص بالثورة أزعجتها النتائج التي تمّ التوصّل إليها اليوم وتعمل علي إجهاض أي اتّفاق يتمّ الوصول إليه وإدخال البلاد في نفق مظلم". اتّفاق وكان المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير أعلنت في وقت سابق الإثنين التوصّل لاتّفاق على تشكيل "مجلس سيادة" جديد يحلّ محلّ المجلس العسكري الحاكم، على أن يتمّ الاتفاق الثلاثاء على نسب المشاركة بين العسكريين والمدنيين والمدّة الزمنية الانتقالية. وقبيل انطلاق الاجتماع، أغلق عشرات المتظاهرين شارع النيل الرئيسي لليوم الثاني على التوالي، وكذلك طريقاً مؤدياً لحي بحري الشمالي في العاصمة. وجاء الاختراق في المفاوضات بعد أن أعلن مكتب النائب العام السوداني الوليد سيد أحمد أن "النيابة العامة وجّهت اتهاما للرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير وآخرين بالتحريض والاشتراك الجنائي في قتل المتظاهرين في الأحداث الأخيرة". وأوضح المكتب أنّ التهم صدرت في سياق التحقيق في مقتل الطبيب بابكر في منطقة بري بشرق العاصمة الخرطوم. وقتل ما لا يقل عن تسعين شخصا في السودان منذ بدء التظاهرات في 19 كانون الأول/ديسمبر ضد نظام، بحسب حصيلة أعلنتها الشهر الماضي لجنة أطباء السودان المرتبطة بحركة الاحتجاج. وهذه الحصيلة أعلى من تلك التي نشرتها السلطات والتي تشير إلى مقتل 65 شخصاً. تشكيلة المجلس السيادي يختلف قادة الجيش مع المتظاهرين على تشكيلة هيئة الحكم الجديدة التي يفترض أن تحلّ محل المجلس العسكري. واقترح القادة العسكريون أن يقود العسكر المجلس بينما يطالب قادة الحركة الاحتجاجية بأن يشكّل المدنيون غالبية أعضائه. وأواخر الشهر الماضي، سلّم الائتلاف الذي يضم منظمي التظاهرات وأحزاباً معارضة وفصائل متمردة، القادة العسكريين مقترحاته بشأن حكومة انتقالية يقودها المدنيون. لكن المجلس العسكري أكّد أن لديه "تحفظات عديدة" بشأن المقترحات مشيراً إلى عدم التطرق إلى الموقف الدستوري من الشريعة الإسلامية التي تستند إليها جميع القوانين التي صدرت في عهد البشير بينما لا تؤيدها مجموعات علمانية على غرار الحزب الشيوعي السوداني وبعض الفصائل المنضوية في قوى إعلان الحرية والتغيير.