تشارك المملكة في المعرض الفني الدولي الثامن والخمسين لبينالي البندقية بعمل جديد يحتفي بالفنانة السعودية زهرة الغامدي. ويأتي معرض "بعد توّهم.." بعد النجاح الكبير الذي حققته المملكة في بينالي الهندسة والعمارة عام 2018م، وتعرف زهرة الغامدي بأعمالها الإنشائية المخصصة للمكان التي توظف فيها خامات طبيعية كالرمل والجلود والحجارة. وفي هذا المعرض "بعد توّهم..." تستعرض الفنانة الحميمية الحسيّة التي تشعر بها عادة حين تنغمس في عملية صنع أعمالها الفنية. ويهدف المعرض إلى التعرف على شعور مألوف غيّره الزمن وإعادة التأويل. هو محاولة لإعادة الصلة به وزيارته من جديد، وخطوة إلى عالم متخيّل صنعته الفنانة بحثًا عن المواساة في رحلتها نحو تحقيق الذات. وهو من تنسيق إيمان الجبرين للتأمل في تاريخ المملكة وهويتها، وبإشراف المؤرخة العالمية ندى الشبوط. وعنوان المعرض مقتبس من شطر شهير لمعلّقة زهير بن أبي سُلمى (520م - 609م)، وصف فيه معاناته للتعرف على موطنه بعد غياب دام عشرين عامًا قائلًا: وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً فَلأيًَا عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ وحده "التوهم" ساعد الشاعر ذا الثمانين حولاً في التعرف على بيته؛ تلك الحالة الذهنية التي نقاومها عادة في خضّم بحثنا عن "الحقيقة" لكنها أحيانًا ترصف طريقًا إليها. لذا يلفت المعرض الانتباه إلى مكانة الشعر العربي القديم لدى السعوديين الذي يتعز به كثر كمصدر هام وبديل "للحقيقة"، لذا فإن معرض بعد توّهم يأتي كمحاولة للتأمل في قيمة "عدم اليقين" وقدرته على فتح أبواب جديدة لإدراك الذات والمقدرة على التحوّل والبقاء". ولدت زهرة الغامدي عام 1977م في مدينة الباحة وتقيم وتعمل حاليًا في مدينة جدة، وتركّز أعمالها على ذاكرة العمارة التقليدية في جنوب غرب المملكة حيث كان لنشأتها بين مباني عسير التقليدية تأثير كبير على أعمالها. وقد عرفت في البداية بأعمال فن الأرض، إلا أن ممارساتها الفنية تتضمَّن توظيف خامات طبيعية في أعمالها الإنشائية المخصصة للمكان. وشاركت الغامدي في عدد من المحافل الفنية الهامة منها عملها الإنشائي الهام الذي قدّمته في القاعة الكبري بالمتحف البريطاني في لندن ضمن فعاليات مهرجان "شبّاك" للثقافة العربي عام 2017م. وتخرجت الغامدي بمرتبة الشرف الأولى من جامعة الملك عبدالعزيز عام 2003م، وتابعت دراستها العليا في جامعة كوفنتري البريطانية لتنال درجة الماجستير في الأشغال الفنية المعاصرة عام 2009م، والدكتوراة في الفنون والتصميم عام 2014، وتعمل حاليًا كأستاذ مساعد في قسم الفنون بجامعة جدّة.