أيهما أهم بالنسبة للفرد، أن يُحبّه مَن حوله أم يحترمونه؟.. أيهما يأتي أولاً، هل هو الحب أم الاحترام؟.. وهل أحدهما سبباً للآخر؟.. هل هناك حُب بدون احترام؟.. وهل هناك احترام بدون حُب؟.. أم أن كلاهما مُكمِّل لبعضه البعض؟.. البعض يرى بأن الاحترام من الأخلاق والقِيَم الحميدة التي يُعبِّر بها الإنسان تجاه كل ما حوله، وهو سلوك أساسي يتم في كل المعاملات ومع الجميع، سواء نُحبهم أو لا، أمَّا الحب فهو مشاعر عاطفية رقيقة وصادقة تتجسَّد من خلال معاملة طيبة ونظرات حانية، وقد لا يستمر الحب إذا انعدم الاحترام، فالاحترام يجلب الحب، ولكن الحب ليس بالضرورة يجلب الاحترام. الحب والاحترام من العوامل الأساسية لأي علاقة صحيحة بين الأفراد، وإذا انعدم أحدهما فقد يحدث خلل في العلاقة تبعاً لطبيعة العلاقة بين أولئك الأفراد، فالعلاقة الزوجية يجب أن تُبنَى على كِلا العاملين، وهما الحب والاحترام، والعلاقة بين أفراد الأسرة يجب أن يكون أساسها الحب والاحترام، أما العلاقات الاجتماعية العامة، فيجب أن يكون أساسها الاحترام والتقدير، ويبقى الحب قضية أخرى يُمكن أن تأتي بين بعض الأفراد وقد لا تأتي. احترام الآخرين لا يأتي فقط من خلال التعليم أو الدراسة في كبرى الجامعات العالمية، بل يأتي في الأساس من التربية في الصغر، ومن المنهج الذي يعيش به الإنسان في مجتمعه، ومن السلوكيات التي تلقَّاها من قِبَل والديه ونشأ عليها، وأساس الاحترام يكون من خلال احترام الإنسان لنفسه وشخصيته وسمعته، فمَن لا يهتم بذلك كله، فلن يستطيع أن يحترم الآخرين، حتى لو كان يعيش في بيئة مخملية راقية، أو ضمن (نخبة) مِن أفراد المجتمع، ولذلك نجد في بعض الأحيان بعض الأميين لديهم من الاحترام والتقدير وحُب الآخرين لهم؛ ما يتجاوز ما لدى بعض المثقفين وأصحاب المال، فمَن يحترِم غالباً ما يُحترم، وهذه قاعدة عامة في التعامل مع الآخرين، وهو شعور متبادل، فكُلَّما تعاملت مع الآخرين باحترام، وحرصت على تقديرهم، كلما بادلوك بنفس الشعور. ثقافة الاحترام في مجتمعنا قضية هامة، وخصوصاً في الأماكن العامة، ومقرات العمل وبين الموظفين، فليس بالضرورة أن تُحب الآخرين، ولكن من الضروري أن تحترمهم احتراماً حقيقياً ونقياً، تفرضه عليك أخلاقك وسلوكياتك، ولا يُقصَد به التملُّق أو التسلُّق أو النفاق أو الرياء، ولا يكون احتراماً لمصلحةٍ ما، فينتهي فور انتهاء تلك المصلحة، ولا يكون احتراماً لفئةٍ دون أخرى، بل للجميع وفي كل الأوقات والظروف والحالات، ومع كل الناس.. هو احترام فطري ينمو معنا ونكبر معه، ونربي عليه الأجيال لنجعل حياتنا تنبض بالاحترام والتقدير يوماً بعد يوم.