في هذه الحياة يبقى التعامل باحترام بين الأفراد أحد الاحتياجات الأساسية، والتي يصبو لها كل فرد في المجتمع. فالاحترام والتقدير مطلب هام يتمناه كل فرد، فنحن نسعى لأن نعيش في بيئة تحترم بعضها البعض في كافة شؤونها وتعاملاتها، وقد يكون ذلك عكس ما نراه في حياتنا اليومية، فقد اعتدنا أن نلاحظ تجاوز بعضنا على البعض في كثير من شؤون حياتنا، ومن ذلك التجاوز، بعض الألفاظ أو السلوكيات أو حتى التجاوز أثناء قيادة السيارة وأثناء العمل، وفي بعض الأحيان في المنزل وبين أفراد الأسرة الواحدة. وهكذا تتعدد لدينا حالات التجاوز، والتي قد يمثل بعضها نموذجاً لعدم احترام بعضنا للآخر أو تقديره. من البيئات المثالية الشائعة في العالم والتي يعد الاحترام بالنسبة لها أساساً من أساسيات الحياة، (اليابان)، فالناس في اليابان نشأوا على الاحترام والتقدير، ولعل من أكثر ما اشتهر عن اليابانيين انحناءهم للآخرين عند مقابلتهم أو وداعهم إشعاراً بتقديرهم. ولا يقف احترام اليابانيين عند هذا الحد، بل يتعداه لكثير من شؤون الحياة، وفي مقدمتها الوقت، فحساب الوقت لديهم يكون بالدقيقة، فالقطارات تتحرك مثلاً في الساعة 6:13 وليس الساعة السادسة والربع، ومواعيد الاجتماعات تُحدّد بالدقيقة سواء في البدء أو الانتهاء وحتى في بداية الاجتماعات، وعند تبادل الكروت الشخصية، تجدهم يمسكون الكروت بأيديهم، وينحنون تقديراً لمن يقدمونها لهم، وغيرها من المظاهر العديدة للاحترام، والتي تجد أمثلتها منتشرة في كثير من شؤون الحياة اليومية في اليابان. قد تكون هناك سلوكيات سلبية في اليابان، ولا يوجد مجتمع خالٍ من العيوب، غير أن أغلب الظواهر التي اشتهر بها المجتمع الياباني هي تلك الظواهر، والتي تؤكد بأن الاحترام بالنسبة لهم يعد ركيزة أساسية من ركائز التعامل بين أفراد المجتمع، ومنهج حياة، وهذا بالضبط ما نحن في أمسِّ الحاجة إليه اليوم في مجتمعنا، ففضلاً عن أن الاحترام يعد من الواجبات الأساسية، والتي يفرضها علينا ديننا الحنيف، إلا أننا نجد بأن بعضنا قد يفتقد إلى هذا النوع من الاحترام في كثير من شؤوننا، وخصوصاً عند التعامل مع الآخرين، لذلك ما أحوجنا إلى وجود احترام حقيقي ونقي بيننا، لا يُقصَد به التملق أو التسلق أو النفاق أو الرياء، بل احترام فطري شامل يتضمن احترام المبادىء والأفراد والأوقات، لا لكسب منفعة أو جلب مصلحة أو خوف من فقد أمر ما، بل احترام حقيقي ينبع من القلب، وتُطبّقه الجوارح، ليصبح منهج حياة دائماً لا يتأثر بأي عامل خارجي.