اتّهم القضاء البريطاني اليوم الخميس مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج بخرق شروط إخلاء سبيله المؤقت، وذلك بعد أن أوقفته الشرطة في سفارة الإكوادور في لندن حيث كان لاجئًا منذ سبع سنوات بموجب طلب تسليم من الولاياتالمتحدة، وكان أسانج قد لجأ في العام 2012 إلى السفارة الإكوادورية لتفادي ترحيله إلى السويد حيث كان يواجه تهمة اغتصاب في ملف أغلق في عام 2017. وبحسب شريط فيديو لعملية اعتقاله سجّلته وكالة روبتلي، أخرج جوليان أسانج الذي غطى الشيب شعره ولحيته وبدا عليه التقدم في السن، من مقرّ سفارة الإكوادور نحو الساعة 9:30 ت غ، برفقة ستة رجال شرطة بلباس مدني، توجهوا به إلى سيارة شرطة مصفحة، وأمكن سماع أسانج في الفيديو لدى نقله من السفارة إلى سيارة الشرطة وهو يردد عبارة "على المملكة المتحدة أن تقاوم!". وقالت الشرطة البريطانية في بيان: "إن جوليان أسانج البالغ من العمر 47 عامًا، أوقف اليوم الخميس 11 أبريل من قبل عناصر شرطة العاصمة في سفارة الإكوادور"، موضحةً أنه موقوف بناء على أمر قضائي يعود ليونيو 2012 صادر عن محكمة وستمنستر في لندن، بسبب عدم مثوله أمام المحكمة، وبناء على طلب تسليم من الولاياتالمتحدة بتهمة "قرصنة معلوماتية" سيتم النظر فيها خلال جلسة ستعقد في 2 مايو. وقالت محاميته جنيفر روبنسون: "إن موكلها سيطعن ويقاوم طلب الولاياتالمتحدة تسليمه"، وقالت: "إن توقيفه يشكل سابقة خطرة للمنظمات الإعلامية والصحافيين في العالم"، وذكرت روبنسون أن أسانج طلب منها نقل رسالة إلى مؤيديه بأن تحذيراته المتكررة بشأن خطر ترحيله إلى الولاياتالمتحدة قد تحقق، وأضافت من أمام محكمة وستمنستر في لندن "قال لي لقد قلت لك ذلك". وفي مدريد قال محاميه الإسباني بلتاسار غارثون: "إن أسانج ضحية اضطهاد سياسي واضح بدأ بالتحديد مع نشر ويكيليكس الهائل في عام 2010 لبرقيات ومعلومات خطيرة للغاية بما في ذلك مجموعة من وثائق البنتاغون السرية التي توضح تفاصيل عن ادعاءات بجرائم حرب أمريكية في أفغانستان والعراق"، وأسانج متّهم بمساعدة الخبيرة الاستخبارية الأمريكية السابقة تشلسي مانينغ في الحصول على كلمة مرور لآلاف الوثائق السرية، ومثل أسانج قرابة الظهر أمام محكمة وستمنستر في لندن وقد حيا الصحافيين رافعًا إبهامه قبل أن ينصرف لقراءة كتاب، بحسب ما شاهد صحافي فرانس برس، وقد اعتبر القاضي مايكل سنو أن أسانج "نرجسي غير قادر على رؤية ما هو أبعد من مصلحته الشخصية"، وقد أعلن أنه مذنب بخرق شروط إخلاء سبيله المؤقت، وسيتم إصدار الحكم بحقه في وقت لاحق لم يحدد، ويواجه أسانج عقوبة الحبس في المملكة المتحدة لمدة قد تصل إلى سنة. وخلال توقيفه أمكن سماع أسانج وهو يصرخ "هذا مخالف للقانون"، و"لن أغادر"، وقد قاوم توقيفه قبل أن تتمكن الشرطة من إخراجه من السفارة الإكوادورية بعد ساعة من دخولها، ورحّبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بتوقيف أسانج، وشكرت الإكوادور على هذه الخطوة، موضحةً أن "لا أحد فوق القانون"، ورأى وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت في بيان أن "جوليان أسانج ليس بطلاً". وعلى إثر توقيفه ردّ مؤيدوه الذين يرون أنه يتمتع بشفافية عالية، وتحركوا مستنكرين قرار الإكوادور بسحب حقه باللجوء، كما نددوا بشروط اعتقاله الذي جرى داخل السفارة، وعلى تويتر أطلق موقع ويكيليكس موقفًا قال فيه: إن الإكوادور أنهت بشكل غير قانوني اللجوء السياسي الممنوح إلى أسانج، بخرق للقانون الدولي، وإن السفارة قامت "بدعوة" الشرطة البريطانية إلى مقرها من أجل توقيفه. وقالت وزارة العدل الأمريكية في بيان: "إن أسانج متّهم بالقرصنة الإلكترونية وهو يواجه في حال إدانته عقوبة قصوى بالحبس خمس سنوات"، وفي حين أعلن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية أن محاكمة أسانج في الولاياتالمتحدة في قضية ويكيليكس ستشكل "سابقة" وستكون "مخالفة للدستور"، قالت منظمة "مراسلون بلا حدود": "إن توقيفه قد يشكل سابقة خطرة". من جهتها اتهمت موسكو التي عبرت مرارًا عن تعاطفها مع مؤسس ويكيليكس لندن ب"خنق الحريات"، فيما اتهم الرئيس السابق للإكوادور رافاييل كورييا خلفه لنين مورينو ب"الخيانة"، كما وصف الرئيس البوليفي إيفو موارليس التوقيف بأنه "انتهاك لحرية التعبير"، وعلّق إدوارد سنودن المحلل السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية واللاجئ في روسيا لاتهامه بالخيانة العظمى في بلده، على توقيفه بالقول: "إنه يوم أسود لحرية الصحافة"، ودافع لينين مورينو عن قرار بلاده عبر تويتر، بالقول: إنها تصرفت بموجب حقها السيادي، وكتب "الإكوادور قررت بموجب الحق السيادي سحب اللجوء الدبلوماسي لجوليان أسانج لخرقه أكثر من مرة الاتفاقيات الدولية وبروتوكولات الحياة اليومية"، ونددت حكومة مورينو مؤخرًا بما قالت: إنه مخالفة أسانج أكثر من مرة للقواعد التي تنظم شروط لجوئه في سفارة الإكوادور. وتطبّق كيتو منذ أكتوبر على مؤسس ويكيليكس الأسترالي بروتوكولاً نظّم خصوصًا الزيارات والتواصل داخل السفارة، وينص على أن مخالفة تلك القواعد سينتج عنها سحب حقه باللجوء، وقالت والدته كريستين أسانج: "هدفنا هو، كما دائمًا، منع ترحليه إلى الولاياتالمتحدة"، وفي السويد أكدت محامية المرأة التي تتهم جوليان أسانج باغتصابها عام 2010، الخميس: إنها ستطلب إعادة فتح التحقيق في القضية.