المرأة في الإسلام لها مكانة عظيمة في شتى مجالات الحياة، وكفل لها حرية الانخراط في العمل الذي يحفظ لها كرامتها وعفتها، إلا أنها ظلت في مجتمعنا طيلة العقود الماضية محدودة الأدوار الوظيفية رغم توفر الفرص الملائمة لتمكينها من المساهمة في بناء الوطن بكافة مؤسساته، حيث أن قيود الأعراف والمرحلة حالت دون بلوغها تلك المكانة، ومع ذلك لم تتوقف لحظة في المشاركة الفاعلة من خلال تربية الأبناء أو مساندة الزوج أو بناء مشاريعها الخاصة. وبما أننا نعيش في عصر التحول بكل تجاذباته الذي بدأ المجتمع في استيعاب مخرجاته، بل انه تجاوز كل ذلك الى الدعم والمشاركة الفاعلة لتحقيق رؤية الوطن التي تمثله ويسعى إلى إثبات قدرته ووعيه الذي راهنت عليه قيادته، إلا أن هناك بعض الأخطاء التنفيذية الناجمة عن هذا التحول العظيم والسريع، والتي هي جزء لا يتجزأ من أي إنجاز، لاسيما وأن ذلك الأمر يتعلق بمجتمع كبير تتعدد فيه التوجهات والأفكار، ولا ضير من مراجعة بعض القصور وتصحيح المسار إن وجد. فرغم أن السواد الأعظم من مجتمعنا استبشروا بتوطين وظائف الأسواق وإحلال الفتاة السعودية بدلاً من العمالة الاجنبية، وتمكينها بما يناسبها ويلبي رغبة العملاء، إلا أن التجاوز في التمكين الى ماهو أبعد من ذلك قد يخلق نوعاً من التذمر، فلا يمكن القبول برؤية فتاة في محال سباكة او قطع غيار أو معلقة لمباراة كرة قدم، وهو ما لم نشاهده في بلدان العالم إلا ما ندر. فالكل مؤمن ومستعد للتغيير الإيجابي الذي يتواءم مع كل جنس، فكل ميسر لما خلق له، لخلق التوازن الوظيفي بين الفئتين، بعيداً عن الميل نحو فئة دون أخرى ولكي لا تفرز لنا مخرجاتها بطالة هنا أو هناك، فشباب الوطن لسان حالهم يردد ياليت لنا مثل ما أوتي الفتيات، فهم يرون أنهم أحق بالاهتمام والرعاية، في ظل مفهوم القوامة التي تفرض على الرجل النفقة. وكل ما نرجوه هو الاعتدال في خوض غمار التغيير، والاهتمام بالكيف لا بالكم والذي يقودنا إلى بناء مجتمع فاعل يكبر ليبلغ عنان السماء كسمو مجتمعنا العظيم.