بلغة عصرية وأساليب علمية، يقدم عبدالإله النجيمي الموثق والباحث بالتاريخ الرياضي.. شهادات توثيقية عن تاريخ الكرة في بلادنا، ويجيب على الأسئلة الأهم، متى نشأت؟ وكيف نشأت؟ وتاريخ البدايات وأقدم الأندية السعودية والمراحل التطويرية، وهي شهادة مبنية على وثائق، وليست مجرد كلام وضرب من الخيال، وإنما وثائق حقيقية لمن عاصروا عهد البدايات. ما يقدمه النجيمي ينشره لأول مرة عبر «المدينة».. وثائق تغني عن الكلام وتنهي أي جدليات، ويبقى الحوار حق مشروع للجميع. استكمالاً لما ذكرته في الحلقة الثالثة، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتحديداً في الفترة ما بين 1364ه حتى 1366ه، فإن الخلاف الذي حدث بين رئيس فريق «الفيرا» واللاعب السعودي أحمد قاروت أدى لتأسيس نادٍ وطني يجمع السعوديين بمكة كان هو نادي الوحدة الذي كما قال أزهر «استجلب إليه بعضًا من اللاعبين الذين عرفوا بالحذاقة والجودة»، وهذا النادي الجديد كان له الفضل في إنعاش الرياضة المكية، فكان تأسيسه سببًا في بعث الرياضة بعد الحرب العالمية الثانية. وعن هذا يقول الأديب والرياضي المكي الأستاذ عبدالسلام طاهر ساسي (مواليد 1335ه) في مقال رياضي نشر في عام 1379ه (كما تفخر مكة من أقصاها الى أقصاها بفريق الوحدة الذي بعث الرياضة من جديد وأثبت وجوده كفريق عنيد له ما للاتحاد من الصولة والنفوذ) «وثيقة 17»، كما يقول كامل أزهر -رحمه الله- في مقابلة معه نشرت بعام 1379ه بعد أن ذكر أن الوحدة تأسس في عام 1365ه: (لقد لمس المواطنون جميعًا أهمية الغرض الذي من أجله نشأ فريق الوحدة إلى أن أصبح فريقًا عتيدًا يعتد به في مجال الرياضة) «وثيقة 18»، وهنا نلاحظ كيف أن الوحدة وبالرغم من أنه كان نادٍ حديث التأسيس، إلا أنه استطاع في فترة وجيزة أن يصبح فريقًا قويًا بسبب لاعبي أهلي مكة ولاعبي الوطن المكي الذين انضموا إليه، وأثبت وجوده واحتل مكان الهلال البحري في منافسة الاتحاد، فأصبح الفارس الوحداوي مع الاتحاد طرفين ثابتين في التنافس طوال فترة السبعينات الهجرية، والفضل بعد الله يجب أن ينسب لأهله، فلو لا الأستاذ أحمد قاروت ومن معه من رموز الرياضة المكية، لما تأسس هذا النادي. وعن ذلك يقول يحيى عباس شاولي في لقاء له نشر عام 1390ه ذكر خلاله أنه يعتبر نفسه من مؤسسي الوحدة وأن أحمد قاروت صاحب فكرة التأسيس وله يرجع الفضل بتأسيس الوحدة «وثيقة 19»، وفي تسجيل صوتي منشور في عام 1988م وبعد أن ذكر قصة انفصال اللاعبين عن نادي «الفيرا» ويقول الأستاذ عبدالغني آشي: (ثم أسسنا فريقًا واشتركنا في تسميته، وممن شاركوا في هذه التسمية هم من ذكرتهم في السابق، وأضيف عليهم شخصًا اسمه الأخ يوسف خضري، من الشبيكة أو من حارة الباب، وسمي النادي نادي الوحدة، واختير الأخ أحمد قاروت ليكون رئيسًا لهذا النادي). أيضًا في كتاب التاريخ الرياضي في عهد الملك عبدالعزيز، وفي لقاء صحفي له يروي الاستاذ محمد القدادي عن الرائد الرياضي عباس حداوي، أن أحمد قاروت بعد خسارته لفرصة رئاسة نادي «الفيرا» لصالح أحمد فيرا، قرر مع عبدالله المهنا أن يؤسسوا ناديًا جديدًا، وكان هو الوحدة «صورة 20». كما أن أحد رواد الرياضة بالمملكة ورئيس ومؤسس الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد «رحمه الله» عقّب على مقال نشر في عام 1409ه حول أول رئيس وحداوي، وأكد أن الوحدة تأسس باسم «الحزب» تحت قيادة أحمد قاروت في 1366ه، والشيخ عبدالرحمن بن سعيد كما يعلم الجميع كان حاضراً في المجال الرياضي منذ عام 1365ه ولديه العديد من النشاطات الريادية حتى في المنطقة الغربية، «وثيقة 21». وكما تلاحظون فإن كل تلك الشهادات هي من رموز ورواد الرياضة المكية والسعودية، وهناك غيرها مما لا يتسع المجال لذكره، وجميع هذه الشهادات طرحت ونشرت وهم على قيد الحياة، فلم تجد منهم إلا كل قبول وترحيب، وقد بادرت الدولة أعزها الله في عام 1426ه فكرمت رموز الرياضة ومنهم مؤسسي نادي الوحدة وعلى رأسهم الشيخ أحمد عبدالحليم قاروت «رحمه الله»، وقد كان الوحداويون دائمًا أوفياء لرموزهم فقد كرموا مؤسسي نادي الوحدة مرتين، المرة الاولى في عام 1403ه والمرة الثانية في عام 1416ه، حين قرر الواحديون الاحتفال بمرور 50 عامًا على تأسيس ناديهم، فهل يعقل بعد كل هذا أن يأتي من يريد تشويه تاريخ هذا الفارس الوحداوي بوريقات موقعة بتواريخ حديثة وبالتحديد بعد وفاة جميع مؤسسي نادي الوحدة، ولا شك أن القيادة الرياضية لن تتوانى في منع أي تشويه لتاريخ الرياضة السعودية. إعداد الموثق التاريخي عبدالإله النجيمي