تواجه حرفة «القلاف» المتخصص في صناعة السفن التقليدية في الشرقية خطر الانقراض؛ بسبب ظهور القوارب البلاستيكية والهوائية المستخدمة فى الصيد والتنزه ونقل المسافرين، واختفت إلى حد كبير الحرفة التي برع فيها أبناء المنطقة، إذ كانوا يقومون بتسوية الأخشاب ونجارتها وقلافتها، ويسمى كبير القلاليف «الأستاذ»؛ كونه يوجّه العمال بحكم خبرته في صناعة السفن. ويشير ناصر عبداللطيف الدحيم المعروف ب»النوخذة أبوصقر» إلى أن خشب (الساج) و(الصنوبر) من الأصناف الممتازة في صناعة السفن؛ لسهولة الاستعمال، والتكيف حسب الطلب قهو شديد الاحتمال، لا يتشقق ولا يتقلص ويقاوم الرطوبة، وهو يستورد من الهند وبورما وإندونيسيا وإفريقيا، كما هناك خشب جوز الهند (النارجيل) وخشب البلوط وخشب الأثل ولها جودة عالية من ناحىة القوة والصلابة، ويستخدم أيضًا خشب شجرة السدر، ويمكن استخدام بعض سيقان وفروع شجر (النوام) والقصب والبنبر. وشدد الدحيم على أهمية إحياء هذه الحرفة التي تعتبر من أقدم الصناعات التقليدية في الخليج، كغيرها من الصناعات التي مرت بمراحل انتقالية من حيث تصنيعها واستخدامها ومكوناتها التي تطورت مع تطور الصناعات، مشيرًا إلى أن حرفة صناعة السفن الخشبية والذي يسمى محترفها ب»القلاف»، تُعدّ من أدق وأهم الصناعات اليدوية التي يستخدم فيها أنواع خاصة من الأدوات والأخشاب والمسامير؛ لتكون السفينة جاهزة لدخول البحر، وتحمّل قوة أمواجه والعواصف التي يواجهها البحارة. وأشار النوخذة الدحيم، إلى أنواع السفن التي تتعدد بحسب استخدامها، فمنها ما يفضلها الصيادون، ومنها ما يتم استخدامها في «الدشة» للغوص واستخراج اللؤلؤ، معددًا أشهر أنواع السفن التي تتم صناعتها في الخليج وهي البوم، والجالبوت، والبغلة، والبقارة، والشوعي، والهوري، والسنبوك، والبتيل، والغيرب، إضافةً إلى الصمعا وهو قارب خشبي يستخدم في البحث عن المحار ونقل الركاب، لافتًا الانتباه إلى أن صناعة السفن يستخدم فيها خشب الساج، والخيزران، والبامبو، إلى جانب الصناعات الحديثة من «الفايبرجلاس». ونوّه الدحيم بصعوبة حرفة صناعة السفن الخشبية. مشيرًا إلى أن المدة المستغرقة في صناعة السفن تعتمد على نوع السفينة وحجمها، فالسفن الكبيرة يستغرق صناعتها قرابة السنة أو أكثر، ومنها ما يتم إنجازها في ستة أشهر، في حين يتراوح مدة بناء السفن الصغيرة ما بين الثلاثة والأربعة أشهر، فيما يتراوح عدد العاملين في بناء السفينة ما بين ال5 إلى 10 عمال، لافتًا الانتباه إلى أن صناعة السفن الخشبية في الوقت الحاضر قد اندثرت. من جهته أكد مدير عام هيئة السياحة والتراث الوطني المهندس عبداللطيف البنيان إعادة إحياء صناعة السفن التقليدية، بعد انقطاع دام أكثر من 50 عامًا، بجزيرة دارين تحقيقًا للأصالة، وشدد على تنمية مهارات المجتمع المحلي، وتأصيل المقومات السياحية للمنطقة، وتوفير فرص عمل لأبنائها، وتحقيق مشاركة المجتمع المحلي في الأنشطة السياحية والمردود الاقتصادي.