لا أحد يجهل بأن المملكة قد قامت بدور طليعي ومُؤثِّر في إنهاء قضية (لوكربي)، تلك الحقيقة لا يمكن لمحامي عائلة القذافي «خالد الرايدي» أن ينفيها، لأنها سُجِّلت في دفتر التاريخ، فقد ظهر المحامي «الرايدي» على شاشة إحدى القنوات الفضائية، نافياً ما تحدَّث به سمو الأمير بندر بن سلطان لصحيفة أمريكية، حول الجهود التي بذلتها المملكة في سبيل إنقاذ ليبيا من الحصار الذي طُبِّق عليها، نتيجة تفجير الطائرة الأمريكية فوق الأراضي الأسكتلندية، مدعياً بأن حلحلة القضية كانت قراراً من الدول الإفريقية التي خيّرت الغرب ما بين قبول محاكمة المتهمين (عبدالباسط المقرحي وخليفة فحيمة) في دولة محايدة، أو كسر الحصار الجائر على ليبيا، وأن الدول الإفريقية قد أعطت للغرب مهلة محددة لتنفيذ أحد الخيارين، وأن أوروبا انصاعت إلى خيار محاكمتهما في أرض محايدة، وما تلا ذلك من افتراءات لن نأتي على ذكرها. وأُحيل سعادة المحامي «الرايدي» إلى تصريحات رموز بلاده، الرئيس القذافي، ووزير خارجيته عبدالرحمن شلقم، لعلَّ في ذلك ما يجعله يعرف الحقيقة، ويصمت إن لم يعتذر، فخلال زيارة الملك عبدالله -يرحمه الله- إلى ليبيا -وكان وقتها ولياً للعهد- أثنى الرئيس معمر القذافي على الدور الكبير الذي تولَّته المملكة بقيادة الملك فهد -يرحمه الله-، والذي أفضى إلى إنجازٍ كبير في قضية «لوكربي»، ونوَّه بالوقفة الأخوية الصادقة التي وقفتها المملكة إلى جانب الشعب الليبي، قائلاً: (كان للدور المميز للمملكة الأثر الكبير في حل قضية كانت تشغل العالم)، واصفاً الدور السعودي بأنه حاسم، وجاء تتويجاً لجهودها المتواصلة منذ بداية الأزمة، كما نوَّه بدور سمو الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- وسمو الأمير بندر بن سلطان، والبرفسور «جانوس وول» مُمثِّل رئيس جنوب إفريقيا «نيلسون مانديلا» في التوصُّل إلى حل. وأُحيله أيضاً إلى ما كتبه وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم في مقال له في صحيفة الشرق الأوسط عام 2015، والذي قال فيه: (إن الملك عبدالله بن عبدالعزيز طلب من الرئيس الأمريكي كلينتون ضرورة معالجة موضوع «لوكربي» ضمن مراجعة كاملة للعلاقات الأمريكية الليبية، واستعداد ليبيا لتطبيع العلاقات مع واشنطن بعد إيجاد حل عادل وعملي للقضية، وأن الملك عبدالله بذل جهداً متواصلاً مع الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، حتى وصلنا إلى حلٍ لتلك القضية المعقدة ). أما عن سمو الأمير بندر بن سلطان الذي كان وقتها سفير المملكة في واشنطن، فمعروف عنه أنه كان حلقة الوصل بين كل الأطراف، وكرَّس جهوده وعلاقاته في سبيل إنهاء تلك القضية، وقام برحلاتٍ مكوكية بين عواصم تلك الدول المعنية بهذه المشكلة، كما أن الرئيس القذافي قد طلب منه شخصياً لقاء «توني بلير» رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، والرئيس الأمريكي كلينتون، لمعرفة الطلبات التي يُمكن أن تُلبيها ليبيا لإنهاء الحصار المفروض عليها، كما أنه هو مَن اقترح مشاركة «مانديلا» في المفاوضات مع الغرب. وبعيداً عن ما ذكره المؤلف «دوغلاس بويد» في كتابه الجديد بعنوان: (لوكربي الحقيقة)، والذي أورد فيه بعض القرائن التي تُثبت تورُّط إيران في تفجير الطائرة، إلا أننا نبني هنا على إعلان ليبيا الرسمي، الذي أعلنت فيه مسؤوليتها عن الحادث الذي وقع عام 1988، واستعدت فيه بدفع 10 ملايين دولار لكل أسرة من أسر الضحايا، حيث نص الاتفاق الذي تم بين ليبيا من جهة، وبين الولاياتالمتحدةوبريطانيا من جهةٍ أخرى، على أن تدفع ليبيا 4 ملايين دولار لكل أسرة بشكلٍ مبدئي بمجرد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، ودفعة أخرى عندما تُسقط الولاياتالمتحدة عقوباتها ضد طرابلس، ثم دفعة أخيرة عندما تُزيل واشنطن اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب. تلك شواهدنا وقرائننا على الدور الذي بذلته المملكة، وتمخَّض عن حل تلك القضية، التي كانت تُؤرِّق الليبيين حكومةً وشعباً، فما هي يا تُرى حجج ذلك المحامي القابع في مكتبه، يحصي إرث آل القذافي، والبعيد عن دهاليز السياسة؟!!