في منتصف العام الماضي وتحديدًا في 8 يونيو 2018، دخل نظام مكافحة التحرش في المملكة حيّز التنفيذ، وذلك بعد أن تم الموافقة عليه من قِبَل مجلس الشورى، وإقراره من مجلس الوزراء ونشره في الجريدة الرسمية «أم القرى»، وقد عُرف التحرش، والذي تُطبَّق عليه العقوبات الواردة بالنظام، بأنه كل قولٍ أو فعلٍ أو إشارةٍ ذات مدلول جنسي، تصدر من شخصٍ تجاه آخر، يمس جسده، أو عرضه، أو يخدش حياءه، بأي وسيلةٍ كانت، بما في ذلك التقنية الحديثة، وقد نص النظام على معاقبة المتحرِّش بالسجن لمدة تصل إلى سنتين، وبغرامة تصل إلى 100 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل مَن ارتكب جريمة التحرُّش، دون الإخلال بأي عقوبة أشد تُقرّرها أحكام الشريعة الإسلامية، أو عقوبة أشد ينص عليها نظام آخر. للتحرش آثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، وهو يتنافى مع قِيَم ديننا الإسلامي الحنيف، وعاداتنا وتقاليدنا السائدة؛ ولذلك كله جاء إعلان نظام مكافحة التحرش، والذي يُسهم في تجريم المتحرش، ووضع العقوبات اللازمة لصدّه، ومنع مثل هذه الأفعال، وردع كل مَن تُسوِّل له نفسه الإقدام على مثل هذا الجرم، وهذا كله يُسهم في تعزيز التمسك بقِيَم ديننا الحنيف، ويضمن المحافظة على الآداب العامة بين أفراد المجتمع. الأسبوع الماضي انتشر مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر من خلاله تحرش أحد الأشخاص جسديًّا بامرأة في أحد المطاعم بمدينة الرياض، وقد صرَّح المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض، بأن إجراءات البحث والتحري والاستدلال المُتخذة من قِبَل إدارة التحريات والبحث الجنائي، أسفرت عن الكشف عن هوية المتحرش والقبض عليه، وهو مواطن في العقد الثالث من العمر، وسيتم اتخاذ الإجراءات النظامية كافة بحقه. مواجهة التحرش في المجتمع تحتاج إلى التركيز على ثلاثة محاور أساسية، وهي: الوقاية، من خلال تحديد مفهوم التحرش وصوره وتوعية المجتمع بالبُعد عن الأسباب التي قد تؤدي إليه، ثم التجريم، واعتبار هذا التصرف جريمةً يُحاسَب عليها مرتكبها، ثم العقوبة، والتي يجب تطبيقها على أولئك المجرمين، وعدم التنازل بأي شكلٍ من الأشكال عن تطبيق العقوبة إن ثبت الجرم، بل والإعلان عنها إن أجاز النظام ذلك؛ ليكون عبرة لغيره ممَّن تُسوِّل لهم أنفسهم؛ القيام بمثل ذلك الجرم. جاء نظام مكافحة التحرش ليُعزِّزَ مكانة الإنسان، ويُؤكِّد أهمية احترامه وتقديره، وعدم الاعتداء عليه بأي شكلٍ من الأشكال، والمحافظة على كرامته وإنسانيته، والمجتمع بشكلٍ عام يجب أن يعمل على تعزيز هذه المفاهيم وتأكيدها، والبعد عن تقديم الأعذار للمتحرش، أو اتهام الآخرين بأنهم السبب في حدوث مثل ذلك الجرم، فكل فرد سيتم مواجهته من قِبَل الجهات المختصة لمحاسبته على سلوكه، وتصرفاته وجرمه.