عندما سُئل الرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن عن سبب نجاحه المتأخِّر بعد 45 عاماً من الفشل المستمر قال: «السبب تصالحي مع نفسي حتى في أقسى مراحل الفشل، يجب أن نقبل أنفسنا مهما كانت نتيجة أي شيء.. هذا لا يعني أن نخلد للكسل، لكن التصالح مع النفس مهم لكي ننجح لاحقاً». القسوة مع الذات، وإدخالها في مقارنات مستمرة مع الآخرين واحد من أهم أسباب شقاء النفس البشرية وفشلها وتعاستها.. خصوصاً إن صوحبت هذه المقارنات القاسية بصفاتٍ أخرى تُعزِّز التقدير السلبي للذات، وتُدمِّر الثقة بها، مثل اتهام النفس بالعجز، والتثبيط المستمر لها وتوبيخها، والبحث الطوباوي عن المثالية والكمال، وتجاهل الإنجازات الشخصية أو التقليل منها. لا تُحمّل نفسك فوق طاقتها، اقْبَل بما كتبه الله لك، واشعر بالسلام مع نفسك.. لأنك إن لم تفعل ستفقد الرضا والقناعة والطمأنينة اللازمة لاتزانك النفسي، ولنجاحك في الحياة.. والأدهى أنك ستُدمِّر بفعلك هذا ما فطرك الله عليه من جمالٍ وتناغم داخلي، ومن قبول بالنفس وتصالح معها، وستخسر كل ما استودعه الله في نفسك من أفكارٍ وأحلام طفولية رائعة.. اقبل نفسك كما هي، أحبها مهما فشلت أو تعرَّضت للانكسار.. واعمل دوماً على إصلاحها بلطفٍ ورضا. كثير من الناس يُحاولون الظهور بعد الانكسارات بمظهر مزيف يتنافى مع شخصياتهم، فقط لكي يُقلِّدوا الآخرين أو ليكسبوا رضاهم، وهذا يُظهرهم مهزوزين دائماً وبلا هوية!.. لا تُزيِّف ولا تغش نفسك، ولا من حولك.. اقبل نفسك بسقطاتها، تصالح معها، وتعرَّف عليها لكي تستطيع تقويمها وتصويب مسارها. كلنا نمتلك نقاط ضعف وخطايا وأوجه قصور.. هذا أمر طبيعي جداً، وإنساني جداً جداً.. فارفق بنفسك، ولا تكن قاسياً على ذاتك، عزّزها وحاول أن تعقد معها صُلحاً جديداً، كُلما شعرت بالهزيمة من الحياة، افتح معها صفحة أكثر بياضاً، ولا تكن ممَّن تكسرهم الهزائم فيقطعون حبال الثقة مع أنفسهم، ويستمتعون بالانتقام منها وتحميلها كل أسباب هزائمهم كي يهربوا من ضعفهم وقلة حيلتهم! لا تكره نفسك لمجرد أنك لم تُحقِّق هدفاً من أهدافك، بل كافئها لأنها حاولت. اقْبَل ذاتك ومرحلتك التي أنت فيها الآن، واسعَ للارتقاء نحو الأفضل بلينٍ ولطف.. واحذر أن تصنع من كل هزة عصا تجلد بها ذاتك. ثق بنفسك وباختلافك، ولا تُرهق نفسك بالمقارنة مع الآخرين، وإياك أن تصب نفسك صباً في قوالب جاهزة من مقاييس البشر.. فليس بالضرورة أن يُلائمك ما يُلائمهم. ما تُغذِّي به نفسك وعقلك هو ما ستجده في حياتك، فاقْبَل نفسك وتناغم معها.. وتوقَّف عن إحباطها بالمقارنات غير العادلة، أصلح ما تستطيع إصلاحه، وتعلَّم قبول ما لم تستطع إصلاحه.