في مدرسة (ويليام بيركين) بلندن؛ توفي الطفل (كارانبير تشيما) 13 عاماً، بعد إصابته بسكتة قلبية.. الطفل الذي يعاني من حساسية مفرطة تجاه القمح والأجبان والمكسرات، توفي بسبب رد فعل تحسسي بعد أن قام أحد زملائه بتعمد إيذائه بإلقاء الجبن على قميصه، حسب ما ورد في الصحف الإنجليزية!. . الحادثة التي هزَّت العاصمة الإنجليزية في يوليو الماضي، و يطالب البعض بتصنيفها قانونياً تحت جرائم (القتل) يمكن تصنيفها (تربوياً) تحت جرائم (التنمُّر).. تلك الآفة (القاتلة) التي أستطيع القول إنها أخطر الأمراض المدرسية على مستوى العالم، بل إنها أخطر كثيراً من الرسوب المتكرر.. نظراً لما تسببه لضحاياها من اعتلالات نفسية مثل الاكتئاب، والقلق، واضطرابات أخرى قد تدفعهم للعنف والانحراف والجريمة.. ناهيك عما تسببه على المدى الطويل من ضعف في الثقة واهتزاز في الشخصية ورهاب اجتماعي قد يلازمهم طوال حياتهم ويجعلهم موتى وإن كانوا أحياء!. . التنمُّر هو تعرُّض متكرر لإيذاء لفظي أو جسدي أو جنسي بهدف التخويف أو الاستغلال أو السخرية أو العنصرية، وهو ليس حكراً على الأطفال، لكن خطورته تزداد في هذه السن (الابتدائي - الثانوي) كما أنه لا يقف عند الإيذاء والاحتكاك المباشر، فالتنمُّر الإلكتروني رائج هذه الأيام عبر الإنترنت والهواتف النقالة، لنشر الإشاعات والصور المسيئة للتهديد والتخويف والاستغلال!. ويقع الأولاد والبنات ضحية التنمُّر بنفس النسبة، وهناك الكثير من الأسباب تجعل بعض الأطفال صيداً سهلاً للمتنمِّرين، وخصوصاً السلبيين منهم والضعفاء، والمنعزلين أو الخجولين. . القضاء على التنمُّر في المدارس أو في التجمعات الإنسانية عموماً هو أمر شبه مستحيل.. فالعدوانية والسلوك الخاطئ موجودة أينما وُجِد البشر، وتزداد نسبتُها كلما قلَّ السن والرشد.. ومهما اجتهدت المؤسسات التعليمية في التوعية والضبط والرقابة فإن أكبر نجاح يمكن تحقيقه في هذا الجانب هو تقليص التنمُّر قدر الإمكان.. لذا يبقى الجزء الأكبر من الحل في يد الأسرة نفسها. . ازرعْ في طفلك الثقة بالنفس، طوِّرْ مهاراته الاجتماعية لكي لا يكون صيداً سهلاً. أشرِكْه في نشاطات المدرسة الرياضية والثقافية لزيادة تقديره لذاته، تواصلْ مع مدرسته باستمرار.. لا تنتظرْ أن يتعرض للتنمُّر حتى تناقشه، بادِرْ بسؤاله، فإن كان ضحية؛ فعليك تقييم الوضع بسرعة وهدوء، واتخاذ الإجراء المناسب، فالأطفال يحبون أن تأخذ الأمور على محمل الجد. . شجِّعْ طفلك على التحدث عن مشكلته وكنْ ودوداً معه.. لا تُظهر الأسى فتزيد الأمور سوءاً.. أشعِرْه أنه غير مُلام، وعبِّرْ له عن تفهُّمك ودعمك، واسأله إن كان لديه حلول.. لا تُفسدْ فطرته ولا تشجعه على الانتقام.. بل علِّمْه مهارات الأمان عندما يتعرض للتنمُّر، علِّمْه كيفية طلب المساعدة من المعنيين، وكيف يكون حازماً، وكيف يستعمل اللباقة والدبلوماسية للتخلص من الأوضاع الحرجة والأوقات الصعبة.