* قبل أيام التقيتُ بأحد الشباب من أقَاربي، سألته: ما فَعَلْتَ، وقد تخرجتَ العام الماضي من الجامعة؟ أجابني وقد اتكأ: أنتظرُ (وظيفة حكومية)، وأبحث عن دبلوم تربوي في إحدى الجامعات!. * خاطبتُه: وكيف تَصْرِفُ على نفسك، بعيداً عن إرهاق والِدِكَ محدود الدّخل؟ أطلق (قهقهة عريضة)، قائلاً: الله يبارك في (السّعْودة)، أقبض شهرياً (2500 ريال) من إحدى الشركات، وأنا نائم في البيت، حيث أكد لي مسؤولوها أنهم فقط يُريدون (حضور اسمي في التأمينات)؛ للتحايل على (تَوْطِيْن الوظائف)، والوصول للنقاط التي تضمن استمرار خدمات الشركة ومعاملاتها. * عجبتُ من أمر ذلك الشّاب، الذي اكتشفت أنه حَال طائفة من أبناء الوطن الذين رضوا بالقليل، وقبلوا بالكسل والخمول، انتظاراً لوظيفة حكومية قد تتأخر أو لا تأتي أبداً!!. * وهنا نحن أمام أزمتين لابد من العمل على معالجتهما، إحداهما: تتعلق بثقافة العمل لدى شبابنا، التي يجب أن تكون أكثر طموحاً، وبحثاً عن بناء مستقبل أفضل، وهذه تُزْرَعُ بالحملات التوعَوِيّة من كافة المنابر، أيضاً هناك عدم ثقة أولئك الشباب بالقطاع الخاص؛ وتلك ترْمِيمها وبناء جسورها يأتي من خلال قوانين تضمنُ لهم الأمان الوظيفي، وحَدَّاً أدنى من الرواتب لايقل عن (6000 ريال)، إضافة للبدلات والحوافز، وِفْقَ كَادِرٍ أو سُلَّمٍ وظيفي واضح المعالم!. * أما الأزمة الثانية: فهي (تلك الوَهْمِيّة) التي تَضرب بعض جهود (السّعْوَدة المخلصَة) بِمَقْتل، والتي تجعلها مجرد حِبْرٍ على ورق، وأرقَامٍ مُزيّفَة -لاسيما في الشركات والمؤسسات الكبرى والمتوسطة، بعيداً عن المحلات التجارية الصغيرة-، وتلك (الوهْمِيّة) يتطلب القضاء عليها أنظمة صارمة، وعقوبات رادعة، على رأسها التشهير، وإغلاق المنشَأة التجارية! * أخيراً في ظِلِّ (التحولات الاقتصادية الإيجابية) التي تشهدها بلادنا أنادي -كما فَعَلتُ ذات مقال- بقرار حازم يمنع نهائياً استقدام الوافدين من الخارج -مع التقدير لهم - في تلك الوظائف التي تتناسب مع السعوديين، وإلزام الشركات والمؤسسات بالإفصاح عنها، على أن تضعها في (بنك إلكتروني) تحت مظلة وإشراف مباشر من (وكالة في وزارة العمل لتوظيف السعوديين بالقطاع الخاص)، ومن ثَمَّ التنسيق مع الجامعات وكليات ومعاهد التقنية لتقوم بتنفيذ برامج دراسية وتدريبية للشباب تجعلهم مؤهلين تماماً لتلك الوظائف التي يحتاجها القطاع الأهلي، حينها فقط سيكون عندنا سَعْوَدَة حقيقية على أرض الواقع وفي ثنايا المستقبل!.