إن قدرتك على تحقيق سعادتك في الحياة هي المقياس لنجاحك فيها، ولا شيء أهم منها ولا شيء يغني عنها، فإذا حققت كل الأمور ذات الطبيعة المادية، ولكنك لم تكن سعيداً بها، فسوف تكون فشلت حقيقةً في إشباع طاقتك كإنسان، جميع الناس تكافح من أجل تحقيق أهدافها وغاياتها، ورغم ذلك خلف كل هدف تكمن أهداف أخرى، إلى أن تصل إلى القوة الباعثة على التحرك في حياة الإنسان، وهي الرغبة في السعادة، ولا يمكن أن تكون سعيداً بحق إلا عندما تسيطر على الذات والسرور الحقيقي عندما تشعر بسيطرتك التامة على حياتك، وعلى العكس ينتابك الشعور بالتعاسة بعدم السيطرة عليها، أو تكون وقعت تحت سيطرة عوامل أخرى أو أشخاص آخرين. السيطرة الخارجية تتبع الشعور بعدم الرضا، (التعاسة)، بينما السيطرة الداخلية تُحقِّق (السعادة)، وذلك عندما تتولَّى زمام أمورك وأنت مَن يتخذ قراراتك، وأن ما يُصيبك من الحياة أنتَ مَن يتحكَّم فيه إلى حد كبير، وليس العكس، وهذا سوف يُشعرك بالقوة والسعادة. إن مفتاح استبدال نقطة السيطرة من العوامل الخارجية إلى الداخلية هي أن تُقرِّر من الآن تولي المسؤولية الكاملة على حياتك، وأنك المسؤول عن قراراتك، وأنك السبب في موضعك الذي وصلت إليه، وحالك التي صرت عليها، فلابد من تغيُّر الموقف لكي تشعر بالسعادة في كل ما بقي من حياتك. طبعاً النجاح هو الحصول على ما تريد، بينما السعادة هي الرغبة فيما حصلت عليه، فعندما يتلاءم دخلك المادي وحياتك مع أهدافك وتوقعاتك تكون سعيداً بوضعك، وحينها تشعر بالسعادة، وثق تماماً بأن حالة الرضا تتغيَّر باستمرار، فعندما تُحقِّق دخلاً سنوياً 50 ألفاً، والذي قد يبدو لك إنجازا مهولاً، ولكن حالما تصل إليه تبدأ بالشعور بالتعاسة، لأنك لم تكسب 100 ألف أو اكثر، بل إن البعض قد لا يكون سعيداً حتى عندما يُحقِّق مليوناً سنويا. فالسعادة ليست هدفاً يمكنك التصويب نحوه وتحقيقه، ولكنها حصيلة ثانوية تأتي عندما تكون منهمكاً في القيام بشيء ما تستمتع به بصحبة أشخاص تُحبهم وتحترمهم، وتذكَّر دائماً بأن مقومات السعادة تكمن في الصحة والطاقة الإيجابية، والعلاقات السعيدة، والعمل الجاد، والاستقلال المالي، وتحقيق الذات. بقي أن نشير إلى أن السعادة متاحة لمن يرغب فيها، ولا ترتبط بمالٍ أو جاهٍ أو منصب، وإنما ترتبط بإمكانياتك الحقيقية للوصول إليها، فتوكَّل على الله، وابدأ ليس من اليوم بل من الآن في الوصول إليها وبدون أي أعذار.