اليوم يدخل أبناؤنا مدارسهم. تذكرت أول يوم أخذونا إلى بيت الحجر والطين. ما كنا نعلم ما الكتاب؟، ما التعليم؟، ما المدرسة..؟!. **** .. «أحمد» رحمه الله، المعلم الوحيد ابن ديرتنا، كان يغرس أظفاره في صدورنا كي نتعلم. و»عبدالخالق» الابن الثاني للديرة، كان مديرنا، وكان يضرب بعصاه منا كل بنان، كي ننضبط..!! **** .. أهلونا خاطوا لنا أكياساً من القماش، أسموها «المخباة»، لنضع بها كتبنا ومراسم الخشب. وبيت الحجر فرشوه «بالحنابل»، كي نتخذ منها مقاعد للسمع..!! **** .. بدأنا ب(درس) و(زرع)، ولم نقف عند (طه والطبلة)، بعد أن أصبح «الطبال» يملأ اليوم كل الوجوه والأزمنة والأمكنة..!! **** .. اليوم، يدخل الطالب المدرسة وقد استبدل ب»المخباة « جهازاً محمولاً، وتحولت أحمال الكتب إلى مجرد ضغطة «زر» في كتاب رقمي..!! **** .. اليوم، يدخل الطالب المدرسة، وهو يعرف كل تفاصيل قارات العالم، ويعرف ماذا فعل «ترامب» بالأونروا، وماذا يفعل «بوتين» بالغوطة وإدلب. وزحف الأيدلوجية الفارسية في كل أقطاب الدنيا..!! **** .. ويعرف أيضاً (داعش) و (القاعدة) و (حزب الله) و (الحوثيين) و (المليشيات) و (الحشد) وغيرها من الأسماء والمسميات التي أصبحت جزءاً من مفرداته اليومية..!! **** .. وفي المقابل يعرف الكثير عن رؤية (2030) وعن التحول الوطني وعن «نيوم» وعن الحوكمة الرقمية وعن أشياء كثيرة..!! **** .. اليوم، أوصلته أمه بسيارتها إلى مدرسته. وذهبت أخواته الى أعمالهن في الشورى والبلدية وفي مختلف الأعمال في القطاعين: «الحكومي والخاص»..!! **** .. باختصار : طفل اليوم غير طفل الأمس.. مساحة مذهلة جداً في الفروق والفوارق ما بين العقل والآلة والمرحلة..!! **** .. وعلينا أدوار هامة تجاه أطفالنا. فنحن جزء أصيل في منظومة «التنوير والتغيير». ولسوف نظلم أطفالنا لوعاملناهم «بزمن المخباة» ونظلمهم إن جهلنا كيف نتعامل معهم بالزمن الرقمي..!!