تتميز مناطق المملكة بالمواقع الجاذبة للسياح، إضافة إلى عدد من المواقع التاريخية التراثية في شتى أنحائها مما يؤهل القطاع السياحي لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية واستيعاب عدد كبير من خريجي كليات ومعاهد السياحة في هذا السوق الواعد حيث تمتلك المملكة أكثر من 47 منشأة سياحية بين كليات ومعاهد حكومية وأهلية تخرج سنويًا أكثر من 1000 متخصص في هذا المجال، فهل يتم استيعاب هؤلاء الخريجين فعليا في سوق العمل، وما مدى احتياج قطاع السياحة لهم، حيث تشير التقارير إلى كليات السياحة بالمملكة تخرج فيها أكثر من 12000 شاب متخصص في مجال السياحة. «المدينة» استطلعت آراء عدد من المختصين والمسؤولين والمستثمرين للحديث عن القطاع ومدى استيعابه لأعداد الخريجين من كليات وأقسام الفندقة والضيافة. الهاشمي: نحتاج مزيدًا من المرشدين السياحيين أبان الدكتور سمير برقة الهاشمي الباحث التاريخي والخبير السياحي بمكةالمكرمة أن قطاع السياحة خاصة مع مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري سوف يسهم في خلق آلاف الوظائف خاصة أن البرنامج يهتم بأربعة جوانب وهي المعالم التاريخية قبل الإسلام ومواقع التاريخ الإسلامي والقرى التاريخية والمسارات المتعلقة بمؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وقال: بحكم اهتمامي بالجانب التاريخي والسياحي فإن الحاجة إلى المرشدين السياحيين كبيرة وهيئة السياحة والتراث الوطني حسب اطلاعي على برامجها لديها خطة لحصر الاحتياج والعدد الحالي الموجود قليل جدًا وغير كافٍ وإذا ما أردنا أن نعرف إمكانات المرشد السياحي السعودي يمكن الوقوف على الإنجازات والتقدم الكبير الذي حققته رابطة المرشدين السياحيين بمحافظة العلا حيث لديهم المعلومة والوعي والقدرة على ايصال المعلومات التاريخية للزوار لكن إذا قسنا الموضوع على مستوى باقي المناطق نتمنى أن تكون الأعداد أكثر من الموجود الآن بحيث يكونون مدربين ومؤهلين بأن يكون سفراؤنا أمام السياح أو الزوار الذين يفدون إلى المملكة سواء لأداء مناسك الحج والعمرة أو الزيارات العادية. الغامدي: سببان للعزوف عن تخصص الفندقة قال الدكتور عبدالله بن علي الغامدي عميد الكلية التقنية بمكةالمكرمة: إن المتابع للحراك التعليمي والتدريبي يلحظ بشكل واضح توجه الجامعات والكليات السعودية نحو خطط إستراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى ايجاد مخرجات وطنية مؤهلة لسد حاجة سوق العمل في صناعة السياحة والفندقة وكل ما تحتاجه هذه الجهات هو مضاعفة الجهد والتنسيق والتناغم فيما بينها لتحديد الاهداف والأولويات في هذا الشأن وعن احتياجات القطاع السياحي والفندقي للكفاءات الوطنية المدربة كشف بأن القطاع السياحي والفندقي لا يزال متعطشًا جدًا للكفاءات السعودية في جميع الأعمال السياحية والفندقية بدءًا بالأعمال السياحية والفندقية المكتبية ووصولا إلى الأعمال الميدانية ولذلك فالشاب السعودي على موعد مع شواغر وظيفية في جميع القطاعات المرتبطة بهذين الفرعين المهمين في مسيرة التنمية والنماء للوطن. وأشار الدكتور الغامدي إلى أنه لا يوجد لدينا أدنى شك في قيمة وقوة التأهيل في قطاع التدريب واليوم نتحدث عن كليات واقسام على مستوى عالٍ من التأهيل المادي. واضاف: بصفتي عميدًا لكلية تقنية يتدرب بها متدربون في تخصصات السياحة والفندقة وتقنية الحج والعمرة فإنني راضٍ تمام الرضا عن التجارب التي خاضها متدربونا سواء في ميدان التدريب التعاوني أو في مجال العمل بعد التخرج وهنالك طبعا آمال على مستوى الأجور بأن ترتفع لحديثي التخرج بحيث تكون عامل جذب اكبر في استقطاب هذه الكوادر المعدة جيدا وتشجيعها لتواصل تميزها في هذا المجال الحيوي، والسبب الرئيس للعزوف وعدم الاقبال بالرغم من الدعم الذي يحظى به قسم السياحة والفندقة ليس بسبب مجالات التوظيف بل يعود إلى نظرة المجتمع حيال بعض المهن خصوصًا فيما يتعلق ببعض المهن الفندقية وهو ما أدى إلى عزوف الشباب ومن الأسباب أيضًا حداثة التخصص نسبيًا قياسًا ببعض التخصصات الأخرى وهذه أبرز الأسباب لعدم الاقبال على التخصص. الصيني: التعاقد مع كليات عالمية لتأهيل الشباب أوضح الدكتور إبراهيم بن محمود الصيني عميد كلية السياحة بجامعة الملك عبدالعزيز وأمين اللجنة الدائمة لعمداء كليات ومعاهد السياحة والضيافة أنه في السنوات الماضية وجدنا اختلافًا في مستويات الكليات التي تخرج طلابًا من أقسام السياحة والضيافة وبعض الكليات تخرج طلبة متميزين يحتاجهم سوق العمل وبعضها خريجون يزيدون من نسبة البطالة وجامعة الملك عبدالعزيز كانت لديها مبادرة بأنها وضعت مدة زمنية للخطة الاستراتيجية للكليات ومعاهد السياحة والضيافة بالمملكة الهدف منها الارتقاء بها لتواكب سوق العمل ورؤية المملكة وهذا ما حدث في المؤتمر الأول الذي تم تنظيمه من أجل هذه الخطة الوطنية لتكون مستويات الخريجين في مستوى وتطلعات رؤية المملكة الطموحة. وأشار الدكتور الصيني إلى أن الاحتياج كبير للخريجين ونفط المملكة القادم هو السياحة والمجال واعد والسبب أن قطاع السياحة والضيافة قطاع خدمات لابد أن يقدمها أشخاص وليس كقطاع الصناعة الذي يمكن للآلات أن تقوم بالعمل وصناعة السياحة والضيافة مجال أساسي لتوظيف الشباب السعودي في السنوات المقبلة وسوق العمل في حاجة إلى الكثير من العاملين في مختلف المهن التي يوجد فيها العاملون غير السعوديين بنسب عالية، مبينا أن الكليات بدأت بالتوجه نحو التعاقد مع كليات عريقة في المجال السياحي حيث قمنا بالتعاقد مع كلية لوزان بسويسرا التي يبلغ عمرها 124 عامًا في مجال الضيافة ونحن في جامعة الملك عبدالعزيز حرصنا أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون كما قمنا بتعاقد مع كلية هونج كونج في مجال التكنيك والخبرة التي اكتسبتها تلك الكليات العريقة وخرجونا سيكونون مؤهلين لسوق العمل والتعليم يكون باللغة العربية والفرنسية والتعليم يعتمد على الجانب العملي بنسبة 70% لذلك وجدوا قبولًا وترحابًا من قبل المشغلين وملاك الفنادق. وقال: إن وزير التعليم وافق على تأسيس لجنة عمداء كليات ومعاهد السياحة والضيافة بالمملكة، والهدف من اللجنة أن يكون هناك تواصل مستمر بين عمداء هذه الكليات للظفر بمخرجات متدربة ومؤهلة في مجال السياحة والفندقة واللجنة ستكون دائمة برئاسة الجهة التي سترأس اللقاء الثاني للمؤتمر مشيرًا إلى أن المرأة السعودية أثبتت قدرتها وامكاناتها والقطاع يضم الجنسين، والخريجات أيضًا لهن نصيب من القطاع وفق الضوابط التي تضعها جهات الاختصاص وهناك نماذج مشرفة لشابات الوطن حصدن جوائز عالمية في مجال السياحة والضيافة وهو أكبر دليل على نجاحهن. الشريف: 80% نسبة التوطين في قطاع السياحة أوضح الدكتور فيصل بن محمد الشريف مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالعاصمة المقدسة أنه ومواكبة لرؤية المملكة 2030 واعتبار السياحة المورد الأول بعد البترول فهذا يعني التوسع في الاستثمار في القطاع السياحي في جميع مرافقه وكما نرى الآن والمشاهد هناك إقبال كبير من الكوادر السعودية سواء شباب أو فتيات على الالتحاق بالفرص الوظيفية في القطاع السياحي سواء فنادق او وكالات سياحية او مكاتب حجوزات إلى آخره وحسب إحصائيات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي صدرت مؤخرًا فإن التوطين في قطاع السياحة وصل ما يقارب 80٪ ومع مجهودات هيئة السياحة والتراث الوطني بتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة الذي يوجه إلى التوطين في هذا القطاع المهم فنرى أن إستراتيجية الهيئة في التوطين بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مناسبة جدا لاستمرار التوسع في التوطين واستيعاب مخرجات الكليات والجامعات من أبناء الوطن الغالي. وأشار الدكتور الشريف إلى أن صناعة الضيافة تتطلب قوة بشرية كفؤة ومدربة ومع تعدد مجالات العمل في القطاع السياحي تكون الحاجة متعددة فمثلًا قطاع الإيواء كالفنادق يتطلب قدرات بشرية وطنية في كافة المجالات في الادارة والتسويق والعلاقات العامة بالإضافة الى الخدمات الأخرى المرتبطة بالضيافة في الفنادق كما أن المرافق السياحية الأخرى تتطلب كوادر مؤهلة كمكاتب السفر ووكالات السياحة والحجوزات وما الى ذلك ولا ننسى قطاع الفعاليات السياحية والمهرجانات والمعارض والمؤتمرات والدور الكبير الذي يمكن تلعبه الكوادر الوطنية المؤهلة. وأضاف الدكتور الشريف: قطاع الحج والعمرة نشاط أصيل مرتبط بنا نحن في هذا البلد المبارك وقد عرفنا هذه الصناعة عبر التاريخ من آبائنا وأجدادنا وبالتالي البرامج التعليمية وبرامج التدريب في هذا القطاع تم تصميمها انطلاقا من هذا العمق وهذا الارتباط التاريخي وبالتالي فإن تلك البرامج التدريبية والتعليمية أيضا يتم تطويرها حسب متطلبات العصر والمتغيرات وبالتالي تتواكب المخرجات مع ما يحتاجه سوق الحج والعمرة من متخصصين ومؤهلين مشيرًا إلى أن التجارب المحلية في التعليم السياحي والفندقي لدينا تضاهي التجارب العالمية بل تتفوق عليها فلدينا جامعات لديها كليات متخصصة وأيضا لدينا كليات مستقلة ومعاهد وكلها تتنافس على تقديم أفضل المخرجات من المؤهلين من الكوادر المؤهلة والمدربة. فلالي: القطاع يستوعب 5 آلاف خريج سنويا قال أسامة بن يحيى فلالي مستثمر سياحي ورئيس مجلس إدارة دار الإيمان للفنادق وخدمات الحج والعمرة: إن الاحتياج لخريجي السياحة من معاهد وكليات الجامعات كبير جدًا ولو وصلت أعدادهم سنويًا إلى 4 و5 آلاف خريج يمكن استيعابهم بسهولة لأن المجال يحتاج وبالرغم من ذلك سيكون هناك نقص نظرًا للنمو الكبير الذي يشهده قطاع السياحة خاصة مع رؤية المملكة 3020 لكن الخريج يحتاج للمزيد من التدريب والتجويد والعمل الميداني لاكتساب الخبرة ومن الأفضل أن تكون قبل التخرج لأخذ شهادات الخبرة والعمل في أي موقع أو فندق سياحي. وأضاف فيلالي: إن المتابع لقطاع السياحة سيجد أن الشركات لديها حاجة كبيرة من الموظفين المتخصصين في السياحة والفندقة والضيافة ومعظم من يشغلون هذه التخصصات في الفنادق هم في الواقع ليسوا متخصصين، وأبناء الوطن من الخريجين السياحيين أولى بالعمل في هذا القطاع الواعد، والعنصر النسائي أيضًا سيكون له دور كبير في حال وفر لهن الأجواء والأعمال المناسبة وفق ضوابطنا مبينًا وجود نظرة تفاؤل من قبل المستثمرين في هذا المجال والآفاق مفتوحة لتطوير القطاع خاصة مع الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.