بمثل ما كان قرار إخلاء المراسم بقرية المفتاحة التشكيلية في مدينة أبها الأسبوع الماضي مفاجئًا لعدد من الفنانين المنخرطين في نشاط القرية، جاءت ردة فعل بعضهم مفاجئة أيضًا، بإضرام النار في لوحاته، أو تحطيمها، أو تركها في العراء عرضة للتلف أو الطمس، في تعبير عن عدم الرضا بالقرار، الذي تلقاه الفنانون من مدير القرية، مصحوبًا بفترة إمهال لا تتعدى ثلاثة أيام لإكمال الإخلاء بشكل كامل.. تاركًا علامات الاستفهام والحيرة لدى عدد من الفنانين.. الألمعي: نطالب بلجنة عليا وتحقيق عاجل «المدينة» استطلعت رأي ثلاثة من فناني القرية حول هذا القرار وأسبابه وتداعياته، حيث يبتدر الحديث الفنان إبراهيم الألمعي قائلًا: جرى إبلاغنا من قبل مدير قرية المفتاحة التشكيلية بإخلاء المراسم، مبينًا أن هناك فنانين وفنانات جدد سيحلون بها.. والكل يعلم أن قرية المفتاحة وضعت لمن يقدم بعطاء، ويشتغل بهمة، كما أن المكان يتسع للجميع، وليس لدينا أي اعتراض في وجود فنانين وفنانات جدد من المواهب، فمراسمنا قبل هذه القرار كانت مفتوحة أمام الجميع دون حجر أو تضييق على أحد، فليست هذه حجة منطقية لإخراجنا، ويبدو أن هناك أسبابًا أخرى لا نعلمها. ويتابع الألمعي مضيفًا: إن من حقنا أن نتساءل عن أسباب هذه القرار، ومن الذي اقترحه، وعلى أي أساس بني اقتراح إخراجنا من المراسم، وهل الجهة التي قامت بذلك لها دراية بالفن، أما إن الأمر ينطوي على تصفية حسابات من بعض المواطنين للفنانين، فهذا المكان عرض للاستثمار أكثر من مرة، وعاينه بعض رجال الأعمال للاستثمار، وقد وردنا قبل ذلك خطاب مذكور فيه أن المراسم ستتحول إلى مطاعم وكافيهات، علمًا بأن هذا الموقع بناه، رجال أعمال بمنطقة عسير، والأرض تعود ملكيتها للأمانة. ويختم الألمعي بقوله: في ظل الوضع الحالي فإني أطالب بتشكيل لجنة عليا للنظر في الموضوع، وفي التجاوزات التي تحصل، حيث ظللنا نطالب مدير قرية المفتاحة التشكيلية بمقابلة أمير منطقة عسير لمناقشة الأمر، وكررنا هذا المطلب أكثر من مرة بخطابات مكتوبة، ولكن لم نجد أي استجابة حتى الآن.. فكل الذي نرجوه أن يتم تحقيق عاجل في هذا الأمر. شراحيلي: هناك أشخاص لهم مصلحة في دس السم في العسل وعلى ذات النسق الرافض للقرار والمستجن لطريقة طرحه، يقول الفنان محمد شراحيلي: تفاجأنا بحضور ضابط مع مدير قرية المفتاحة التشكيلية بأمر إخراجنا من المراسم خلال (3) أيام دون معرفة سبب ذلك، مع الإشارة إلى إحلال فنانين شباب بالقرية.. ونحن كفنانين لا نعارص إخراجنا؛ بل نستغرب الأسباب التي أدت إلى هذا الشيء دون معرفته، ولا نعترض على دخول الشباب الموهوبين والمفروض أن يكون هناك تمازج بين الموهوبين وأصحاب الخبره لإنشاء جيل قوي يدعم الشباب بخبرته؛ ولكن هناك أشخاصا لهم مصلحة في دس السم في العسل، ومحاربة الفنانين بأبها، كما جرى ذلك مع من سبقنا من الفنانين، ويبدو أن الدور علينا الآن، وغدًا على الشباب. ويخلص شراحيلي إلى القول: أنا وكل التشكيليين بقرية المفتاحة نناشد وزارة الثقافة أن تدخل مركز الملك فهد الثقافي ضمن هيكلها، وأن تحافظ على هذا المكان الذي يضم 12 مرسمًا، و4 صالات عرض، ومسرحًا يتسع ل(3800) كرسي، بجانب محلات الفضة والمقتنيات التراثية، كما نناشد بتشكيل لجنة للتحقيق في إخراج الفنانين من مراسم القرية دون وجه حق، لاسيما أننا لم نجد من مدير المركز السابق والحالي أي تجاوب مع مطالبتنا بمقابلة أمير المنطقة. آل عواض: أساند فكرة تطوير المركز وإدخال فنانين جدد ويبدو على الفنان أيمن آل عواض عدم تأثره بهذا القرار، ولا يقف معضدًا لفكرة استبدال الفنانين الحاليين بآخرين شباب في المراسم، في سياق قوله: بالنسبة لي لم أتضرر من هذا القرار، وهو إعادة ترميم وتطوير للمركز، وإدخال فنانين جدد، وهذا من حق كل شخص لديه موهبة فنية أن يجرب لعب دور في المركز؛ حيث يوجد بالمنطقة فنانون كثر يستحقون التجربة بمركز الملك فهد الثقافي (قرية المفتاحة) لإظهار فنهم، لهذا فإني أساند هذا القرار في هذه الجزئية. ويضيف آل عواض: أما بالنسبة لي فأعمالي أحتفظ بها في منزلي ولم يمنعني ذلك القرار من عدم مزاولتي لفني، كما أنني أقل الفنانين ضررًا، كون فترتي بالمركز لم تتجاوز السنة والنصف، فكل ما في الأمر بعض الخسائر المادية، صرفتها من حسابي على ترميم موقعي بالمركز. محذرة من أي محاولة لاستثارة الرأي العام إمارة عسير: هدفنا إعادة التنظيم وفك الاحتكار ومن جانبها أوضحت إمارة منطقة عسير، على لسان متحدثها الرسمي والمشرف العام على الشؤون الإعلامية بمكتب سمو أمير المنطقة سعد عبدالله آل ثابت، أن ما تشهده قرية المفتاحة بمركز الملك فهد الثقافي بأبها مؤخرًا، هو ضمن خطة تشمل إعادة تنظيم المكان ومنح أكبر عدد من فناني وفنانات المنطقة الشباب الذين حرموا من هذه الفرصة بسبب ما تشهده القرية والمراسم الخاصة بها من احتكار لعدد من الفنانين دون غيرهم، الأمر الذي يتنافى مع العدالة التي تحتم منح الجميع ذات الفرصة، وتمكين القوى الشابة من عرض إبداعاتهم من خلال هذا الصرح الذي يعد ملكًا للجميع وليس من حق أحد أن يستولي عليه، ويتعامل معه وكأنه أحد مقتنياته الشخصية. ولفت آل ثابت إلى أن الإمارة ستتعامل بحزم مع كل من يحاول استثارة الرأي العام عبر بعض الممارسات التي لا تمت لمهنية الفن التشكيلي بصلة، ولا تمثل خصال أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء، مؤكدًا أن الإمارة سبق وأبلغت الفنانين والفنانات بخطة إعادة تنظيم المراسم في قرية المفتاحة، بما يتماشى مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي ترتكز على دعم الشباب ومنح الفرص لكل من يمتلك فكرًا واعيًا وإبداعًا حقيقيًا أن ينال الفرصة المناسبة له. وأكد آل ثابت أن الإمارة تقف على مسافة واحدة من جميع الفنانين والفنانات في المنطقة، وتسعى لخلق الفرص المتساوية للجميع وتطوير المكان ليكون رافدًا حقيقيًا لاحتواء الفن التشكيلي ورواده ومبدعيه.