انتشرت في مجتمعنا ظاهرة «النقد الإستيائي» الذاتي، النفسي، الخاطئ، حيث أنه صراع لأبعد مدى بين المنتقِد ونقده، وبعيد كل البعد عن تكوين نقد بناء صحيح لجهة معينة وانما يعتمد نقد الناقد على حالة استيائه المسبقة او الحالية حيث إن النقد الناتج غير دقيق أو مفهوم، وذلك لفكرة خاطئة كونها إثر اشمئزازه من فعل ما، مباشر كان أم غير مباشر لجهة معينة أو فرد ما، أو حتى من ذاته. مؤخرًا صدر بيان صحفي من مكتب العمل التطوعي بمنطقة المدينةالمنورة ينص على إطلاق بادرة لأجلك ياطيبة المعنية بإنشاء أطول مائدة رمضانية متصلة في العالم ودخولها موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأول مرة في تاريخ المدينةالمنورة، حيث تم إطلاق هاشتاق خاص بالمبادرة، وتفاجأت بأن معظم المشاركين فيه «نُقّادستيائهم»يرون الأمور بعين طبعهم، تذمر بعضهم، فمنهم من طالب بإلغاء البادرة ومنهم من ألقى التهم بأن الجهة الراعية تبحث عن الشهرة وان فعلهم رياء امام الناس واصفين المبادرة بالهادرة للأطعمة والاموال والجهود ومنهم من حرم إعلان الصدقات ومنهم من قال على حساب الفقراء يدخلون في موسوعة غينيس! أولاً، من أشاد بأن من أهداف المبادرة هدر النعم، فهناك جمعيات خيرية توزع عليها الأطعمة الزائدة بالإضافة الى مشاركة الفرق التطوعية في توزيع الزائد من الأطعمة على بعض سكان الأحياء القديمة، أما من حرم الاعلان بعمل الخير واتهم بالشهرة فقد غفل عن قوله تعالى (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)، قدم سبحانه وتعالى السر لأنه أبعد عن الرياء وأخر العلانية وذكرها ولم يغفل عنها، لأنه تأتينا مواطن علانية لابد من الإنفاق فيها ولا يمكنك أن تحجب، لكنك تخلص نيتك في قلبك، هنا علم من علم واشتهر من اشتهر وأذيع ما أذيع، كل ذلك لا تبالِ به، فلا يعقل أن رؤية الناس لك وإلمام الصحافة بما تفعل يجعلك تحجم عن العطية! عزيزي «الناقِدستيائك» تريث ولا تستبق الأحداث وتلقي التهم واللوم على القوم فيتلبسك الشؤم، لا تقحم نفسك فيما لا يعنيك، فقد كثر النقاد، وكل طارح وراء فكره انقاد، خيراً وشراً ساد، تأكد.. ستجني من ثمرك الزاد، فاحذر.. ليس كل سهم لقوسه عاد، إما قتيلاً او للنصر أنت مناد، وقال صلى الله عليه وسلم (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ).