وصلت رئيسة المحكمة العليا البولندية إلى مكتبها أمس محاطة بأنصارها لتؤكد بذلك رفضها التقاعد والقبول بتعديل قانوني تنتقده المفوضية الأوروبية التي رد عليها رئيس الوزراء بالتأكيد على «حق» بلده في «بناء نظامه القضائي وفق تقاليدها الخاصة». وقالت مالغورزاتا غيرسدورف لمؤيديها الذين تجمعوا أمام مقر المحكمة العليا: «لا أعمل في السياسة. أفعل ذلك دفاعاً عن دولة القانون ولوضع حدود بين الدستور وانتهاك الدستور». واضافت: «آمل أن يعود نظام القانون إلى بولندا». وبدون أن يشير بشكل واضح إلى الوضع في المحكمة العليا، أكد رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي أمام البرلمان الأوروبي صباح أمس في ستراسبورغ أن بلاده تملك «الحق» في «بناء نظامها القضائي وفق التقاليد الخاصة بها». وأضاف أمام النواب الأوروبيين المجتمعين في جلسة عامة إن «الاتحاد في التنوع، شعار اتحادنا الأوروبي، ليس شعاراً فارغاً». وفي وارسو صفق المتظاهرون الذين قدر صحفيو وكالة فرانس برس عددهم بما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف، لغيرسدورف. ورددوا هتافات من بينها «الدستور» و»محاكم حرة» و»نحن معك» و»ثابتون». وهم يعبرون بذلك عن دعمهم لرئيسة المحكمة العليا و26 قاضيا آخر يفترض أن يتقاعدوا بعد خفض سن التقاعد من سبعين إلى 65 عاماً، وهو قرار مدرج في الإصلاحات التي يقوم بها حزب القانون والعدالة المحافظ الذي يشكل أغلبية. وكان الرئيس البولندي أندريه دودا استقبل الثلاثاء غيرسدورف لكنه لم يسلمها الوثيقة التي تقضي بانتهاء مهامها رسمياً، بل أبلغها بذلك ضمناً بقوله: إن قاضياً في المحكمة العليا يوزف إيفولسكي سيتولى رئاسة المؤسسة بالنيابة بانتظار انتخاب خلف لها. لكن غيرسدورف أثارت مفاجأة عندما أعلنت أنها عينت القاضي نفسه لا ليتولى رئاسة المؤسسة خلفاً لها، بل ليحل محلها «في غيابها». وقالت للصحفيين بتهكم إنها اتفقت مع دودا على أمر واحد هو أن إيفولسكي «قاضٍ جيد». وعلقت صحيفة «جينيك غازيتا برافنا» على هذه التطورات وعنونت أمس»محكمة واحدة برئيسين». أما صحيفة «غازيتا فيبورجا» القريبة من المعارضة فقد فضلت التركيز على «اغتصاب المحكمة العليا». ويندرج النزاع بين غالبية قضاة المحكمة العليا والسلطة السياسية في إطار خلاف أوسع يدور بين وارسو والمفوضية الأوروبية حول إصلاحات قضائية تحت اسم تحسين أداء هذه السلطة.