يعاني النظام الإيراني وأجنحته في المنطقة من آثار وتوابع الزيارة الحالية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع. ومنذ محطتها الأولى وفي واشنطن، ظهر الاتفاق السعودي الأمريكي على خطورة العبث الإيراني في المنطقة والعالم. ومن لقاء الرئيس دونالد ترامب إلى ساسة الولاياتالمتحدة القدامى، مرورًا بأعضاء مجلس الشيوخ ووصولًا للبنتاجون، جاءت الزيارة لتثير قلق إيران حد «الهلوسة» السياسية، التي تظهر بين الحين والآخر على ألسنة قادة النظام والحرس الجمهوري. الاتفاق النووي في مستهل مباحثات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسمو ولي العهد، أكد ترامب على أن الاتفاق النووي مع إيران سيحسم لاحقًا. وعقب الاجتماع أعلن البيت الأبيض أن مباحثات الرئيس ترامب، مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، تناولت -ضمن جملة من الملفات- خطر إيران والحوثيين في اليمن، مشددة على تحجيم وضع حد لتدخلات إيران في المنطقة. وتناولت التقارير الصادرة من واشنطن مؤشرات الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي مع طهران إذا لم يتم تعديله. دعم مجلس الشيوخ بعدها مباشرة، صوت غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، ضد مشروع قانون تقدم إلى الكونجرس دعا لإنهاء المشاركة الأمريكية في الحرب، التي تقودها السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن. وأحبط 55 عضوًا من أعضاء المجلس، المشروع الذي كان يدعو لوقف دعم الولاياتالمتحدة لتحالف دعم الشرعية في اليمن. وكان سمو ولي العهد قد بحث مع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، دان سوليفان، وتوم كوتون، وجو مانتشن، وليندزي جراهام، العلاقة الثنائية بين البلدين، والشراكة التاريخية والاستراتيجية المتطورة، وسبل تعزيزها، ورؤية المملكة 2030م. كما تمت مناقشة الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب ومكافحة التطرف، ومواجهة التدخلات الإيرانية. مع أعضاء الكونجرس التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كذلك خلال الزيارة بعدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي. واتفق ولي العهد خلال لقائه مع رئيس مجلس النواب الأمريكي بول رايان، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، على أهمية مكافحة التطرف ومواجهة التهديد الإيراني. البنتاجون يدعم موقف الرياض داخل وزارة الدفاع الأمريكية، بحث سمو ولي العهد، مع وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أمس التعاون الاستراتيجي، وتعميق الشراكة الثنائية، وفق رؤية 2030 وجهود محاربة الإرهاب ومكافحة التطرف. كما بُحث عدد من الملفات وآليات التنسيق تجاهها بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكد ماتيس الدعم القوي للرياض، وأن المملكة جزء أساسي من الحل السياسي في اليمن، ومعبرًا عن أمله في نجاح جهود السلام، التي يقودها مبعوث الأممالمتحدة الخاص لليمن. وقال ماتيس: نحن نسعى إلى إنهاء الحرب، هذا هو الهدف النهائي. وسوف ننهيها بشروط إيجابية لشعب اليمن، وأيضًا مع تحقيق الأمن لدول شبه الجزيرة العربية. خطورة الأيديولوجيات عابرة الحدود في لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريسقال، أكد سمو ولي العهد أن المشكلات في الشرق الأوسط هي مع الأفكار، التي لا تؤمن بمبادئ الأممالمتحدة، وتنتهك بشكل صارخ كل قوانين وأعراف الأممالمتحدة في تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفي الترويج لأيديولوجيات عابرة للحدود ،ليست لها علاقة بالمصالح الوطنية. وشدد سموه على أن السعودية تدافع عن مصالحها، وتحافظ على أمنها، وتعمل مع حلفائها في الشرق الأوسط لأمن المنطقة واستقرارها. حريصون على الحلول السلمية كما أكد حرص المملكة على الحلول السياسية لأزمات الشرق الأوسط، بالتعاون مع الأممالمتحدة، مشيرًا إلى أن المملكة عضو فاعل ومُسهم عبر التاريخ في حماية مصالح الأممالمتحدة، وملتزمة بقوانينها منذ القدم. 930 مليون دولار للعمل الإنساني باليمن التقى ولي العهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في مقر الأممالمتحدة بنيويورك، وناقش الجانبان عددًا من الملفات الساخنة في الشرق الأوسط. وأعرب غوتيريس في أول لقاء مع ولي العهد عن امتنانه العميق للوفاء بالتعهد السخي، الذي أعلنته السعودية والإمارات في يناير، بشأن تقديم 930 مليون دولار لصندوق تمويل العمل الإنساني في اليمن. مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن كانت تدخلات إيران قاسمًا مشتركًا كذلك في لقاء سمو ولي العهد، مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهم السفراء فغانسوا ديالتغ مندوب فرنسا، ونيكي هيلي مندوبة أمريكا، وفاسيلي نيبينزيا مندوب روسيا، وزاوشو ما مندوب الصين، وجوناثات آلين مندوبة بريطانيا- وتم كذلك بحث الأوضاع العامة في الشرق الأوسط، بما فيها تطورات الأزمة في اليمن، والانتهاكات الحوثية المدعومة من إيران. وأكد سمو ولي العهد لممثلي الدول الكبرى ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن المسؤولية في هذا الصدد، وضرورة احترام المعاهدات والمواثيق الدولية والقانون الدولي واتفاق الأممالمتحدة، والتزام المملكة العربية السعودية بميثاق الأممالمتحدة والتعاون الكبير بينهما. ثم جاء حوار سموه مع صحيفة «وول ستريت» الذي طالب فيه المجتمع الدولي، بالضغط على إيران اقتصاديًّا وسياسيًّا لتجنب مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة. وقال الأمير محمد: إن العقوبات ستوجد مزيدًا من الضغوط على النظام الإيراني. وأضاف: علينا أن ننجح في ذلك لتجنب الصراع العسكري. إذا لم ننجح فيما نحاول القيام به، فمن المحتمل أن نشهد حربًا مع إيران خلال ال10 إلى 15 عامًا المقبلة. وحول الحرب الدائرة في اليمن التي يقودها التحالف بقيادة المملكة دعمًا للشرعية في اليمن ضدّ ميليشيات «الحوثي» المدعومة من طهران، قال ولي العهد: عدم التدخل في اليمن كان سيسبّب أزمة أكبر.. ولو لم نتحرّك في عام 2015، لكان اليمن قد قُسِّم إلى نصفين بين «الحوثيين والقاعدة». واعتبر الأمير محمد بن سلمان، الصواريخ التي أُطلقت على الرياض «علامة على الضعف»، قائلًا عن «الحوثيين»: يريدون أن يفعلوا كل ما يمكنهم فعله قبل أن ينهاروا. وأكّد أن السعودية ستشهد مزيدًا من التغييرات والإصلاحات، وقال: لا يمكننا دفع الناس إلى العيش في السعودية في بيئة غير تنافسية. وأضاف: البيئة في السعودية تدفع حتى السعوديين إلى خارج السعودية، وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نريد إصلاحات اجتماعية. في حديثة لمجلة «تايم Time» حرص ولي العهد على تأكيد ضرورة بقاء القوات الأمريكية في سوريا، على الرغم من التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي قال فيها: إن القوات الأمريكية ستغادر «قريبًا جدًّا» سوريا، وتنتشر قوات أمريكية خاصة لدعم الحرب على المتطرفين ضمن التحالف الدولي ضد «داعش». وقال ولي العهد: «نعتقد أن القوات الأمريكية يجب أن تبقى لفترة متوسطة على الأقل، إن لم يكن لفترة طويلة». وأضاف الأمير محمد بن سلمان، أن الوجود الأمريكي في سوريا هو السبيل الوحيد لإيقاف تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة بمساعدة حلفائها. كما أن وجود القوات الأمريكية داخل سوريا سيمكّن واشنطن من إبداء الرأي في مستقبل سوريا، بحسب تصريحه. وقال: إن إيران -من خلال الميليشيات التي تعمل بالوكالة وحلفائها الإقليميين- تؤسس طريق إمدادات بريًّا يربط طهران ببيروت عبر سوريا والعراق، مشيرًا إلى أن ما يسمى «الهلال الشيعي» سيمنح إيران موطئ قدم أعظم في منطقة مضطربة من خلال حلفائها. وقال الأمير محمد بن سلمان: «إذا أخرجت تلك القوات من شرق سوريا، فستفقد نقطة التفتيش تلك، وهذا الممر يمكن أن يخلق الكثير من الأشياء في المنطقة».