سرَّني كمواطن عربي عودة التقارب السعودي العراقي والذي تمثل في حراك ثلاثي الأبعاد بدأه وزير الخارجية قبل عام من الآن بزيارة للعراق لتنقية الجوانب السياسية من الشوائب التي علِقت بها إبِّان العقود الماضية، وتبعه قبل أسبوع قيام وفد إعلامي رفيع المستوى للتنسيق في ما يخص الآليِّات الإعلامية التي كانت ولا زالت سبباً في تأجيج الصراع بكافة مساقاته ناهيكم عن تغييب الحقيقة وتضليل الرأي العام، وكانت الثالثة هي إقامة مباراة دولية ودية بين المُنتخبين الشقيقين لإشعار الشباب وهم وقود المُستقبل بأهمية تقاربهم من خلال النشاط الأكثر ممارسة لهم. لقد أيقظت هذه الأنشطة بارقة الأمل في تدشين عهد جديد يُخلِّص العراق العربي من التبعية العمياء للمد الصفوي الحاقد على كل ما هو عربي والساعي بكل ما أوتي من قوة لاستعادة الإمبراطورية الفارسية عن طريق إذكاء أتون المذهبية الطائفية كغطاء يُغلِّفه لتحقيق غاياته التي يأتي مبدأ «تصدير الثورة» في أعلى أولوياتها، واستطاع بخبث أن يُسوِّق له بتخطيط مدروس ومنهجية علمية ودعم مادي لا محدود ولوجستي مُثير، الأمر الذي حقق لها مكاسب تمثلَّت في زعزعة الأمن في بعض الدول العربية كما حدث للعراق بعد سقوط صدَّام وزرع أجندة له في لبنان واليمن وشرق السعودية مسوِّقين «أُكذوبة» أن المعتقد الديني هو الدافع الذي يجمعهم، والحقيقة أن ملالي إيران متلبسون بهذا الوشاح لتمرير مشروعهم السياسي على حساب الفهم القاصر لأتباع المذهب الشيعي. «أنْ تأتي متأخراً أفضل من ألاً تأتي أبداً» هكذا أرى حال العراق بعد أنْ وَعَى قادته السياسيون أنَّ عِقدين ونصف من الارتماء في أحضان إيران وتنفيذ سياساتها الهوجاء لم تُحقق لبلادهم سوى الدمار والتهجير وتوقف التنمية ومواكبة التطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم من حولهم، وأنَّ الحل المنطقي لا يكمن في عُزلتها الإجبارية عن مُحيط إخوتها العرب، بل يكون في التحرر من الربق الذي أحكم سيطرته الإيرانيون على مفاصل صُنع القرار في مؤسسات الدولة، بل أوصلوا أتباعهم المُدجنين إلى مواقع اتخاذ القرار ليكونوا هم المتحكمين في مُقدرَات العراق وإشغال العراقيين في التناحر السني الشيعي حتى حوّلوه من بلد غني بثرواته النفطية والزراعية إلى بلد يقتات على الخارج في سد رمق جوعه.. فهل يُعقل هذا يا عرب العراق؟!.