إذا كان الرئيس «الطاغية» يُحدِّد هدفه، ويسعى لتحقيق طموحاته في الإمساك بمفاصل السلطة في الدولة التي يحكمها بكل الوسائل والأساليب الممكنة وغير الممكنة، فإن صانعي الطغاة يقع عليهم من اللوم ما يقع على الطاغية نفسه، فهُم صوته الذي يصل للناس، وقدمه التي تمشي وسط المجاميع التي يخشى هو شخصيا أن يمشي بينهم. إنهم النُخب التي تخضع للاستبداد، وتُروِّج للطاغية، وتتماهى مع أفكاره وقراراته، وتصمت عن تعسُّفه وبطشه، إنهم أصابع الطاغية وذراعه الباطشة، وهم جزء من صناعة الاستبداد وعائلة الطغيان . ** ** والتزلف للسلطة، كما قلت من قبل، يمكن أن يحدث حتى من داخل السلطة نفسها من أعضاء منتمين للسلطة، يتقرَّبون فيهِ إلى مَن يُمثِّل القوة فيها. وأبرز مثال يحضرني هو الرئيس أنور السادات عندما كان لازال خارج مظلة السلطة. فقد أحكم السادات دوره خلال فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر كلها، ونجح -بعد انضمامه إلى تنظيم الضباط الأحرار- في رسم ملامح دوره الجديد في ظل جمال عبدالناصر، وهو دور التابع الذي يُوافق دائما، حتى أسمته الصحافة الغربية «السيد نعم Yes Man»، فتمكَّن من البقاء، حين التهمت الثورة أبناءها واحدا بعد الآخر . ** ** ولتثبيت دوره وبناء جسر الثقة بينه وبين عبدالناصر، أصدر السادات في عام 1957 كتابه «يا ولدي هذا عمك جمال»، الذي يُمجِّد فيه الرئيس عبدالناصر. والغريب أن أحد أصدقاء السادات المُقرَّبين، وهو محمود جامع، يروي أن السادات كان يكره ناصر لأنه اعتاد تهميشه... واكتفى بتعيينه في مناصب ثانوية... قبل بها السادات على مضض، وبخبثٍ شديد هادن عبدالناصر رافضا الاصطدام به، وأعطاه توكيلا شفهيا ليفعل ما يشاء حسب رؤيته وقراره !! #نافذة : صوتي دايما في جيبك يا ريس، أنا موافق بلا قيد ولا شرط . أنور السادات