(القدس) هي جزء من تراث الأمة، أي العرب، والتاريخ حافل بالغزاة الذين سعوا للاستيلاء عليها واحتلالها. إلا أنها تعود إلى أهلها، الفلسطينيين والعرب. ولا يمكن لقرار أحادي الجانب فرضه دونالد ترامب من موقعه كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية- أن يجعل القدس عاصمةً لإسرائيل. فهو فاقد لهذا الحق، وبالتالي لا يمكنه أن يعطيه ليهود إسرائيل. لكنه رجل يعاني من أزمات عديدة في بلده، تسبب هو شخصيًّا في معظمها؛ نتيجة لبعض تصرفاته، حتى بعد انتخابه رئيسًا لأمريكا، أن يُطوِّر قدراته من مجرد هاوٍ للسياسة إلى محترفٍ لها. ولا نتوقع أن تحل القضية الفلسطينية، والقدس جزء منها، في وقت قريب؛ لأن حل هذه القضية وإنهاء الاستهتار الإسرائيلي يتطلب قيادة فلسطينية حكيمة، وقيادة عربية أكثر حكمة. كما أن سعي نظام (ملالي) إيران استغلال العدوان الإسرائيلي على العرب لمصلحة توسعهم في المنطقة العربية- لا يساعد على أن يتفرغ أي من القيادات العربية لوضع الاستراتيجيات والحلول للقضية الفلسطينية؛ حيث إن إسرائيل أخذت هي أيضًا تستغل عدوان طهران على العرب لصالحها بالقول لمن يريد أن ينصت: إن خطرنا محدود في منطقة جغرافية معينة وهي فلسطين، بينما الخطر الإيراني عليكم، أيها العرب، أوسع من ذلك، ويهدد كل عاصمة ووطن عربي. يُشجِّعه في ذلك جشع مَن يُمارسون السياسة باسم الإسلام مثل الإخوان المسلمين وما شابههم، الذين يرون أن الإسلام السياسي الشيعي تولَّى حكم إيران، فيتعاونون مع طهران طمعًا في أن تعينهم على الاستيلاء على الأوطان العربية بشعارات دينية غير صادقة. الأمر الذي يدفع ببعض ساسة أمريكا لاستغلال الفرصة ببث ما أطلقوا عليه (الربيع العربي)، الذي أدخل المنطقة في فوضى يريدها أولئك الساسة ومعهم إسرائيل وطهران، (خلاقة) لمصلحة تولي هؤلاء حكم الأوطان العربية، إذا ما نجحوا، وتوجيه سياساتهم بالشكل الذي يرونه مناسبًا للمصالح التي أوصلتهم للحكم. وعلى كل حال فإن القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها القدس، لا تجد في فلسطين من يُوحِّد القرار الفلسطيني بشأنها، ولا بين العرب مَن يُوحِّد القرار العربي حول مصيرها. وعندما ظهرت بوادر كان يمكن تطوير مواقف عربية موحدة حولها- أخفقت نتيجةً للخلاف العربي حول كل الأمور، أكان موقف بورقيبه، الرئيس التونسي الأسبق، عندما قال للفلسطينيين فاوضوا على أساس أخذ ما يمكنكم الآن وواصلوا المطالبة، فرموه وهو يخطب بالحجارة، أو الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي حارب إسرائيل وانتصر عليها وفاوضها، واستعاد كل شبر من الأرض المصرية التي استولى عليها الإسرائيليون بالحرب من مصر في العهد الذي سبقه، ورفض العرب والفلسطينيون الحلول التي خرج بها لإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية وغزة، التي يطالبون بها اليوم. أي أن العرب يعيشون مأساة التمزق فيما بينهم، وأضيف لذلك عدوان نظام طهران على سيادتهم. إلا أن التاريخ يُؤكِّد لنا أن حال العرب لن تطول هكذا، وأن القدس ستعود الى أهلها وإن طال الزمن.. وعلينا خلال ذلك حماية أنفسنا من أطماع إسرائيل وطهران ومؤامرات أمريكا وعملائها في المنطقة. ورفض مطلق لاستيلاء إسرائيل على القدسوفلسطين.