أجمع خبيران أكاديميان في الهندسة المدنية والتخطيط العمراني على ضرورة الاستفادة من خبرات الدول التي تشهد هطول أمطار غزيرة على مدنها بشكل دائم ويومي، ولا تتعرض لمثل ما تتعرض له محافظة جدة من هطول أمطار عليها في كل عام، وتتسبب في تعطيل الحركة وغرق المدينة وتلف الممتلكات العامة والخاصة. وقالا: «إن حلول درء مخاطر السيول تتم على جانبين؛ الأول وهو درء مخاطر السيول المنقولة وحماية المدينة من جريان السيول عبر الأودية وانتقالها إلى المدينة، خاصةً وأن جدة مدينة ساحلية، وكل الأودية شرق المدينة تصب باتجاهها، وبالتالي لا حل إلا بتنفيذ حلول درء مخاطر السيول التي تهطل شرق المدينة وعلى الأودية والجبال من جهة الشرق، وفي الجانب الآخر لا بد من تنفيذ شبكة تصريف لمياه الأمطار بحجم أكبر وسعي أعلى؛ لتحمي المدينة من الأمطار التي تهطل عليها مباشرة، وتكون غزيرةً؛ وذلك من خلال تنفيذ شبكة قنوات تصريف نموذجية وربطها مع مجاري السيول». مجارٍ ومصبات أستاذ الهندسة المدنية بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور «طلال رادين» قال: «إن مياه الأمطار على جدة تأتي من مصدرين: الأول إما من سيول منقوله من أودية شرق المدينة ولها حلول، أو من خلال هطول أمطار مباشرة على المدينة وهذي لها حلول أخرى»، وأضاف قائلاً: «إن مشروعات نفذت في السابق لحماية المدينة من مخاطر السيول المنقولة، وتم إنشاء عدد من السدود وكذلك مجارٍ ومصبات للسدود قبل سنوات عدة، ولا أعلم كيف كان أداؤها مع الأمطار الأخيرة؛ لأنه لا بد لمختصين أن يقفوا على الوضع، ويدرسوا كمية الأمطار التي هطلت خلف تلك السدود، وكمية تجمع المياه خلف السد، وكيفية تصريفها وانتقالها عبر مسارات مجاري السدود، وهنا يتم تقييم تلك المشروعات عن مستوى التنفيذ ونجاحه، أما بالنسبة لحماية المدينة من السيول التي تهطل مباشرة على المدينة فالحل هو تنفيذ شبكة تصريف للأمطار بشكل علمي صحيح، وهنا علينا الاستفادة من تجارب وخبرات الدول التي سبقتنا وتشهد هطول أمطار يومية وبغزارة عالية، ولا يحدث أي تأثير لذلك ولا تتعطل المصالح لديهم ولا تتلف الممتلكات العامة والخاصة على الرغم من غزارة الأمطار واستمرارها. تنفيذ الأنفاق وأضاف الدكتور رادين أن تصميم شبكة لتصريف مياه الأمطار من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الغرب ومن الجنوب إلى الغرب، وربطها بشكل صحيح بمجاري السيول هي الحلول لحماية المدينة من الأمطار وكذلك تنفيذ أنفاق لتصريف مياه الأمطار وشبكة يعمل على تنفيذها متخصصون؛ بحيث تصمم بميول هندسية سليمة باتجاه الغرب، وقال: «إن في ماليزيا نفقاً في الصيف يستخدم للمشاة، وفي الشتاء يحول إلى نفق لتجميع مياه الأمطار، وعلينا أن نبحث حلولاً جذريةً، والاستفادة من خبرات الدول التي تتعايش مع الأمطار»، وقال: «إن تجمع المياه في الانفاق الموجودة لدينا نتيجة تصميها بشكل خاطئ وعدم وجود شبكة تصريف فعاله لهذه الأنفاق، ولا بد من وجود شبكة تصريف مياه سليمة تحت الأنفاق أو القيام بتنفيذ شبكات تصريف للمياه تمنع تجمع المياه ووصولها إلى الأنفاق ومن المفترض أن أي مياه تجري عبر الطرق يكون مصبها مجرى السيل وليس النفق؛ لذلك نحن بحاجة إلى التوجه إلى بلدان تشهد هطول أمطار غزيرة مثل سنغافورة والهند وماليزيا وهولندا والسويد؛ لنتعرف إلى خبراتهم وتجاربهم في تصريف السيول، ونعمل على تنفيذ دراسة كاملة للمدينة، وندرس مشكلات البناء والطرق والأحياء والبيئة المحيطة للمدينة، ومن ثم العمل على إيجاد الحلول بعد التعرف إلى الطرق والشوارع والأحياء والبيئة والحركة المرورية؛ ليتم اتخاذ القرار بشكل مدروس مبني على بيانات وقراءات واقعية للمدينة، وليس فقط تنفيذ مشروعات بدون دراسة الظروف المحيطة للمدينة». السيول المنقولة الدكتور «سامر بن سامي باعيسى» الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبد العزيز يشخص مخاطر السيول على جدة، ويقول: «تنقسم إلى قسمين: الأول هو مخاطر السيول المنقولة التي تهطل على الجبال والأودية شرق المدينة، وبحكم تضاريس جدة؛ وكونها مدينة ساحلية تتجه كمية مياه الأمطار عبر الأودية كسيول منقولة، وبالتالي لا بد من تنفيذ مشروعات لحماية المدينة من هذا الخطر وهذا ما تم في العديد من المشروعات التي نفذت خلال السنوات الماضية بإنشاء سدود في العديد من الأودية وتنفيذ مجارٍ للسيول، وهنا علينا تحديد مدى جدوى تلك المشروعات، وما قدمته من حماية للمدينة خلال السيول التي شهدتها جدة قبل يومين ومعرفة ما إذا كانت قد خدمت المنطقة وحمتها من كارثة السيول المنقولة: «إن خلاف ذلك، وفي القسم الثاني هناك مخاطر السيول التي تهطل على المدينة مباشرة، وهذه تحتاج إلى وجود شبكة تصريف لمياه الأمطار بشكل أوسع وكبير أضاف يقول علينا دراسة مناسب وميول الشبكة وربطها مع الميول للشبكات فما نشاهده مختلف تماماً عن ذلك؛ خاصة أننا نشاهد تجمعاً للمياه في اتجاه ونشاهد فتحات تصريف الأمطار في ركن وجهة أخرى، وبالتالي أنسب حل هو أن تكون الشوارع مقوسة في المنتصف، وتكون فتحات التصريف في جانبي الطريق». وأبان يقول: «إن الميول الموجودة في الطرق والشوارع في جدة تجعل المياه تنتقل إلى الأنفاق، وتتسبب في تجمع كميات كبيرة في هذه الأنفاق وتتعطل الحركة فيها».