التغيير من سنن الحياة، وتجديد الدماء من الأسس الإدارية الناجحة، والتي تحتاجها الإدارة من وقتٍ لآخر لأسبابٍ متعددة، منها الخروج من قفص الرتابة والعمل التقليدي، فكثير من الدول المتقدمة اليوم نجدها تزدهر وتُبنَى بسواعد شبابها وطاقاتها الواعدة، ففي أمريكا يرفض الكثير فكرة الثبات في المنصب الإداري، فما إن يأتي مدير أو قائد لشركة إلا ويبادر بإجراء تغييرات جوهرية في إدارته رغبةً منه في ضخ دماءً جديدة لتحريك الطاقات الكامنة وتحقيق أعلى درجة من الانسجام الفكري والنفسي داخل الإدارة. تفيد بعض النظريات الإدارية أن المديرين التنفيذيين يجب ألا يستمروا لأكثر من 8 سنوات في مواقع عملهم، وفي حال تجاوز هؤلاء المديرين لهذه الفترة، فقد ينتج عن ذلك ضعف إداري أو ما يُسمَّى بالكهولة الإدارية، والتي تتعارض تمامًا مع عالمنا المتغير اليوم، والذي يتطلب السرعة والمرونة، ويحتاج إلى طاقاتٍ بشرية وفكرية تستطيع التأقلم مع هذا التغيير، وما لم نسعَ إلى توفير القيادات الإدارية التي تعرف كيف تتعامل مع هذا التغيير، فستكون هناك فجوة كبيرة بين الواقع المعاصر والقيادات القديمة الموجودة، كما أن التعامل مع التغيير يساهم في تحقيق الإنجاز في الوقت المحدد له دون الانتظار لسنواتٍ طويلة لحين استيعاب ما يحدث من حولنا، وإقناع المديرين القدماء بالحلول الجديدة. الدماء الجديدة تعني آليات جديدة ونتائج مميزة وطرق حديثة ومسار سريع ومرن نحو الأفضل يشمل كافة المستويات، مع التأكيد بأن اللحظات الأولى للتغيير عادةً ما تكون لحظات صعبة لأنه يُصاحبها مقاومة كما يُصاحبها إشاعات وأقاويل عديدة، مما يساهم أحيانًا في إيجاد أجواء قد يصيبها بعض الاضطراب، وهذا يستدعي القيام بجهدٍ أكبر في سبيل التعامل مع تلك الأحوال واحتوائها. من أسباب تجديد الدماء، تطوير أساليب الإدارة في علاجها للمشكلات والتغييرات التي تؤثر على بيئة العمل، مما يساهم في تقديم خدمات أفضل للمستفيدين، كما يساهم في زيادة حماس فريق العمل وتطوير قدراتهم ومهاراتهم وإمكانياتهم على المنافسة لمواكبة التطور العلمي والتسارع التقني، وهذا سيساهم في إيجاد بيئة محفّزة للعمل وللتطوير والإبداع والتجديد، كما يساهم في قياس أداء ذلك الفريق، ومعرفة مستوى تقدُّمه في تحقيق أهدافه وسبل تحسينها. تجديد الدماء أصبح ضرورة في عصرنا الحاضر، فثورة تقنية المعلومات تحيط بنا وتحاصرنا، والتعامل معها لم يعد شيئًا من الترف أو الكمال أو نوع من التحضُّر، بل غدا ضرورة حتمية في عصرمنفتح ومتغير باستمرار، فعدم تجديد الدماء لمواكبة هذا الانفتاح والتغيير يعني الذوبان والانقراض والتقهقر والتبدد.